الأربعاء، 3 يوليو 2013

"كرونولوجيا الثورة المصرية الثانية"...


ترجمة: عبد الكريم القمش.

          أمهل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي، والمتحجين من المعارضة يومين للوصول إلى اتفاق بينهما حول المرحلة القادمة من الحياة السياسية في مصر، وقال أن يوم الأربعاء هو آخر أجل أمام جميع الأطراف للتوصل إلى توافق ما، فإن لم يحدث ذلك تدخل الجيش لوضع خارطة طريق أمام مصر خلال المرحلة القادمة. البيان الصادر عن الجيش المصري جاء بعد اندلاع مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف من المصريين في ميدان التحرير وفي غيرها من المدن المصرية للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي وتقديمه لاستقالته قبل تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في البلد. من جانبهم كان الرئيس وأتباعه من داخل جماعة الإخوان المسلمين والمنتمين إليها والمتعاطفين معها قد أبدى استعداده لمقاومة المطالب باعتبار كون محمد مرسي رئيس منتخب بشكل ديمقراطي لمدة أربع سنوات لم تمر منها سوى سنة واحدة فقط.
في الأسطر الموالية تجدون ملخصا بأهم الأحداث التي عاشتها مصر خلال السنتين الأخيرتين بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك إبان "الربيع الديمقراطي" الذي عاشته المنطقة.
       يوم الخامس والعشرين من يناير سنة 2011 خرج المصريون بالآلاف (ثم بالملايين) للاحتجاج ضد الرئيس محمد حسني مبارك الذي استمر في حكم البلاد طوال ثلاثة عقود كاملة. في البداية كان الهدف هو الحصول على إصلاحات سياسية وعدم ترشيح ابن الرئيس للرئاسة فيما كان يسميه المصريون "توريث الحكم" (على الطريقة الملكية)، ولكن المقاومة التي أبداها النظام بالقوة للاحتجاج وسقوط ضحايا جعل المطلب يتحول إلى تنحي الرئيس بشكل نهائي. الذين كاوا يقودون المظاهرات كانوا ينتمون أساسا إلى الشباب الحداثي العلماني وبعض من أصحاب التوجهات اليسارية ليلتحق بهم في لحظات متأخرة التيارات الإسلامية بكافة أطيافها. استمر النظام المصري في قمع المحتجين وهو ما أجج يوما بعد يوم غضب الشارع المصري المحتج الذي بدأ يكتظ أكثر فأكثر. ويوم الحادي عشر من فبراير تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم بعد أن قام عمر سليمان نائبه آنذاك، بإلقاء خطاب التنحي شخصيا. يومان بعد ذلك سوف يجتمع كبار جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليعلن عن تسلمه للمرحلة الانتقالية وحل البرلمان فورا، وإلغاء الدستور المعمول به آنذاك محققا بذلك هدفين أساسيين من بين أهداف الثوار في ميادين الاحتجاج. بعد ذلك بأزيد من شهر وتحديدا يوم التاسع عشر من مارس سنة 2011 قدم الجيش مجموعة من التعديلات الدستورية للتصويت أمام الشعب في اقتراع وطني كان الهدف من وراء التمكن من البدء بالخطوات الأولى على مضمار الديمقراطية من خلال تنظيم أول انتخابات برلمانية حرة في تاريخ البلاد تتبعها أول انتخابات رئاسية حقيقية. كانت هذه الخطوة بمبادرة من الجيش الذي كان يريد تسليم البلد لسلطة مدنية منتخبة كما صرح بذلك آنذاك كبار قادته. الإسلاميون من جهتهم لم يترددوا في الموافقة على تلك التعديلات وحشد التأييد لها ب"نعم" لأنهم كانوا يرون فيها من الأمل في الحصول على السلطة بما يكفي ليفعلوا كل شيء بغية تمريرها من قبل توظيف كبار المشايخ بما لهم من رمزية دينية للقيام بالدعاية اللازمة لحث المواطنين على التصوين بنعم. كانوا يعلمون أن شعبيتهم لدى أفراد الشعب كبيرة بالنظر إلى كونهم ظلوا يعانون تحت نيران الحزب الحاكم على عهد مبارك طيلة عقود مارسوا فيها المعارضة للنظام بكل شراسة. الذين صوتوا بلا ضد التعديلات الدستورية كان يرون فيها استباقا للأمور لأنهم كانوا يؤيدون فكرة كتابة دستور جديد للبلاد قبل تنظيم أية انتخابات كيفما كانت.
         يوم التاسع من أكتوبر سوف تعرف الأمور تحولا نوعيا في علاقة المصريين المدنيين بالمصريين العسكريين عندما قامت قوات من الجيش بسحق مظاهرة للمسيحيين في القاهرة كان أصحابها يحتجون على هجوم سابق تعرضت له إحدى الكنائس.. التدخل العسكري تسبب في مقتل 25 فردا من المحتجين لتكون بذلك واحدة من أخطر حوادث الاصطدام بين محتجين وقوات من الجيش في مظاهرات كان البعض يطالب فيها بتنحي كبار القادة العسكريين، وهو ما كان يتسبب في مواجهات دموية سقط ضحيتها بضع عشرات من المواطنين طوال السبعة عشر شهرا من حكم العسكر.
       من يوم الثامن والعشرين من نونبر 2011 إلى الخامس عشر من فبراير 2012 قام المصريون بالاقتراع في أول انتخابات تشريعية حقيقية في تاريخ البلد وكانت عبارة عن جولات متعددة دامت أسابيع عديدة انتهت بفوز الإسلاميون بعدد كبير من المقاعد. لقد فاز الإخوان المسلمون بنصف الأصوات تقريبا، فيما فاز حلفائهم السياسيون "الجماعة السلفية" ربع المقاعد الأخرى..أما باقي المقاعد فتقاسمها الليبراليون واليساريون والمستقلون والعلمانيون. أما يوما الثالث والعشرين والرابع والعشرين من شهر ماي فقد شهد حدوث أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ مصر الحديثة حيث تقدم ثلاثة عشر مرشحا للرئاسة من بينهم محمد مرسي عن الإخوان المسلمين، وأحمد شفيق الذي سبق له أن شغل منصب الوزير الأول في آخر حكومة على عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك. وقد فاز كلاهما في الجولة الأولى بأكبر عدد من الأصوات ليتم اللجوء إلى الجولة الثانية حسب قوانين الانتخاب الجديدة في مصر. ويوم الرابع عشر من يونيو أعلنت المحكمة الدستورية العليا عن حل البرلمان على أساس كون ثلث نوابه لم يتم انتخابهم بشكل قانوني، وهو ما جعل الجيش يتدخل بنعومة لإغلاق المؤسسة بشكل عملي. بعد ذلك بيومين وعلى مدار يومين عاد المصريين إلى صناديق الاقتراع للحسم بين المرشحين المتبقيين "مرسي" و"شفيق". وفي نفس الوقت أصدر الجيش إعلانا دستوريا يعطي لنفسه من خلاله صلاحيات واسعة تحد من سلطات أي رئيس مصري قادم. بالنهاية كان الفوز من نصيب مرسي الذي فاز بنسبة 51,7. ويوم الثلاثين من يونيو وقف محمد مرسي أمام المحكمة الدستورية العليا لإلقاء القسم الرئاسي بعد أن كان قد أقام بأمر مماثل وبشكل رمزي يوما قبل ذلك أمام حشود من المواطنين في ميدان التحرير.
       ـ يوم الثاني عشر من غشت وفي خطوة جريئة للغاية سوف يقدم الرئيس محمد مرسي على إقالة كبار ضباط الجيش المصري ممن خدموا في مناصبهم خلال فترة الحكم السابق وكانوا بشكل من الأشكال يعتبرون من رجال "الرئيس المخلوع"، كما قام الرئيس في نفس الوقت بإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الجيش لتعود له سلطات واسعة يتمكن من خلالها من التشريع بشكل موسع خصوصا أن البرلمان الذي كان من المفترض أن يكون عقبة أمام طول يده لم يكن له من وجود بعد حله من طرف المحكمة الدستورية في وقت سابق.
    ـ يوم التاسع عشر من نونبر انسحب عدد من ممثلي الأحزاب الليبرالية وممثلين عن الكنيسة المصرية من لجنة إعداد الدستور التي كانت تضم مائة فرد تم تشكيلها بناء على قرار سابق من البرلمان المنحل. أما السبب حسب قولهم فكان استحواذ ممثلي التيارات الإسلامية ورغبتهم في فرض الدستور وفق ما يحلو لهم.
   ـ يوم الثاني والعشرين من نونبر أصدر مرسي قوانين تمنحه مزيدا من السلطات والصلاحيات الواسعة للتصرف وفق ما يراه صحيحا، وتجلى ذلك في سنه لقوانين تعطي لقراراته حصانة ضد المراجعة القضائية وتمنع المحاكم من الحق في حل الجموع الراهنة ومجلس الشورى وقد كان هذا القانون استباقا سياسيا لقرارات كانت تعد لها المحكمة العسكرية لحل الكيانات البرلمانية القائمة. هذه القرارات لم تمر مرور الكرام حيث خرج المتظاهرون بالآلاف إلى ميادين التحرير للاحتجاج وهو ما تسبب في اشتباكات مع مؤيدي الرئيس أوقعت مجموعة من الضحايا، وكان حجم الغضب الأولي على قرارات الرئيس قد بلغ في إحدى اللحظات 200 ألف متظاهر حجوا جميعا لميدان التحرير حاملين للمرة الأولى لافتات كتبت عليها كلمة "ارحل" الموجهة إلى أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في مصر. من ناحية أخرى وبعد انسحاب الأعضاء المعارضين لهيمنة الإخوان على لجنة إعداد الدستور قام الأعضاء المتبقون المنتمون إلى التيارات الإسلامية بالعمل ليل نهار في جري حميم ضد آلة الزمن لأن القرار بقي جميعه في أيديهم مادامت اللجنة تتشكل منهم لوحدهم ليخرج مرسي بعد ذلك معلنا عن استفتاء شعبي على الدستور الجديد للبلاد يوم الخامس عشر من دجنبر 2012. وهو ما أثار المزيد من السخط والاحتجاج على حكم الرئيس ومحاولته السيطرة بشكل تام على السلطة..أما يوم الثاني من دجنبر فقد حاصر الإسلاميون المحكمة الدستورية في تطور مثير للغاية ليمنعوا القضاة من الولوج إلى القاعة للتداول حول مدى شرعية اللجنة المعدة للدستور.
  ـ يوم الرابع من دجنبر سيتوجه أزيد من مائة ألف متظاهر نحو القصر الجمهوري للمطالبة بإلغاء يوم الاقتراع والتحول إلى كتابة دستور جديد على اعتبار كون اللجنة لم تكن تتكون أساسا إلا من الإسلاميين الذين وضعوا دستورا غير محايد ولا يلبي كل احتجاجات الثورة... في اليوم الموالي سيتدخل مؤيدو الرئيس من الإخوان المسلمين بالقوة ضد المعتصمين أمام القصر الرئاسي لتندلع بعدها مواجهات جانبية في الشوارع المحيطة بين الفريقين أدت إلى مقتل عشرة أفراد من المتظاهرين. بعد ذلك بأيام ولتهدئة الأوضاع بشكل مؤقت أعلن الرئيس مرسي عن إلغاء القوانين السابقة التي تسببت في هذا اللغط مع الإبقاء على موعد الاستفتاء على الدستور. وفي جولتين أجري الاستفتاء بين يومي الخامس عشر والثاني والعشرين من دحنبر للتصويت على الدستور الجديد وهو ما أسفر عن تصويت 63,8 بالمائة لصالحه وسط مشاركة جماهيرية ضعيفة مقارنة مع الانتخابات السابقة بنسبة 32,9 بالمائة من الفئة الناخبة في مصر وهو ما انعكس لاحقا على مصداقية الموافقة على هذا الدستور في ظل مقاطعة الثلثين للاستفتاء عليه، ولكن "الإخوان" واصلوا الطريق نحو الاستيلاء على كل السلط والصلاحيات اللاحقة.
   ـ يوم التاسع عشر من نونبر انسحب عدد من ممثلي الأحزاب الليبرالية وممثلين عن الكنيسة المصرية من لجنة إعداد الدستور التي كانت تضم مائة فرد تم تشكيلها بناء على قرار سابق من البرلمان المنحل. أما السبب حسب قولهم فكان استحواذ ممثلي التيارات الإسلامية ورغبتهم في فرض الدستور وفق ما يحلو لهم.
   ـ يوم الثاني والعشرين من نونبر أصدر مرسي قوانين تمنحه مزيدا من السلطات والصلاحيات الواسعة للتصرف وفق ما يراه صحيحا، وتجلى ذلك في سنه لقوانين تعطي لقراراته حصانة ضد المراجعة القضائية وتمنع المحاكم من الحق في حل الجموع الراهنة ومجلس الشورى وقد كان هذا القانون استباقا سياسيا لقرارات كانت تعد لها المحكمة العسكرية لحل الكيانات البرلمانية القائمة. هذه القرارات لم تمر مرور الكرام حيث خرج المتظاهرون بالآلاف إلى ميادين التحرير للاحتجاج وهو ما تسبب في اشتباكات مع مؤيدي الرئيس أوقعت مجموعة من الضحايا، وكان حجم الغضب الأولي على قرارات الرئيس قد بلغ في إحدى اللحظات 200 ألف متظاهر حجوا جميعا لميدان التحرير حاملين للمرة الأولى لافتات كتبت عليها كلمة "ارحل" الموجهة إلى أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في مصر. من ناحية أخرى وبعد انسحاب الأعضاء المعارضين لهيمنة الإخوان على لجنة إعداد الدستور قام الأعضاء المتبقون المنتمون إلى التيارات الإسلامية بالعمل ليل نهار في جري حميم ضد آلة الزمن لأن القرار بقي جميعه في أيديهم مادامت اللجنة تتشكل منهم لوحدهم ليخرج مرسي بعد ذلك معلنا عن استفتاء شعبي على الدستور الجديد للبلاد يوم الخامس عشر من دجنبر 2012. وهو ما أثار المزيد من السخط والاحتجاج على حكم الرئيس ومحاولته السيطرة بشكل تام على السلطة..أما يوم الثاني من دجنبر فقد حاصر الإسلاميون المحكمة الدستورية في تطور مثير للغاية ليمنعوا القضاة من الولوج إلى القاعة للتداول حول مدى شرعية اللجنة المعدة للدستور.
   ـ  يوم الرابع من دجنبر سيتوجه أزيد من مائة ألف متظاهر نحو القصر الجمهوري للمطالبة بإلغاء يوم الاقتراع والتحول إلى كتابة دستور جديد على اعتبار كون اللجنة لم تكن تتكون أساسا إلا من الإسلاميين الذين وضعوا دستورا غير محايد ولا يلبي كل احتجاجات الثورة... في اليوم الموالي سيتدخل مؤيدو الرئيس من الإخوان المسلمين بالقوة ضد المعتصمين أمام القصر الرئاسي لتندلع بعدها مواجهات جانبية في الشوارع المحيطة بين الفريقين أدت إلى مقتل عشرة أفراد من المتظاهرين. بعد ذلك بأيام ولتهدئة الأوضاع بشكل مؤقت أعلن الرئيس مرسي عن إلغاء القوانين السابقة التي تسببت في هذا اللغط مع الإبقاء على موعد الاستفتاء على الدستور. وفي جولتين أجري الاستفتاء بين يومي الخامس عشر والثاني والعشرين من دحنبر للتصويت على الدستور الجديد وهو ما أسفر عن تصويت 63,8 بالمائة لصالحه وسط مشاركة جماهيرية ضعيفة مقارنة مع الانتخابات السابقة بنسبة 32,9 بالمائة من الفئة الناخبة في مصر وهو ما انعكس لاحقا على مصداقية الموافقة على هذا الدستور في ظل مقاطعة الثلثين للاستفتاء عليه، ولكن "الإخوان" واصلوا الطريق نحو الاستيلاء على كل السلط والصلاحيات اللاحقة.
  ـ يوم الثلاثين من يونيو، يوم الأحد الماضي، خرج الملايين من المصريين هذه المرة للهتاف ضد الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وذراعهم السياسي "حزب الحرية والعدالة". المظاهرات كانت حاشدة وشديدة الغضب. وعلى الرغم من الطابع السلمي للمظاهرة فإن حوالي ستة عشر قتيلا وقعوا في المواجهات المحتدمة بين الطرفين خصوصا منها تلك التي حدثت أمام المقر الرئيسي للإخوان المسلمين بالمقطم بالقاهرة يوم الاثنين. من جهة أخرى يصر المتظاهرون الذين وقعوا على وثيقة "تمرد" المطالبة بانتخابات مبكرة على البقاء في الميادين إلى حين إسقاط مرسي كما حدث قبل سنتين ونصف حين سقط الرئيس حسني مبارك الذي كان يحوز كل السلطات والصلاحيات المطلقة التي كان الرئيس مرسي يحاول الحصول عليها إبان حكمهم القصير لمصر.
اليوم بعد الظهر أصدر الجيش بيانه الذي بدا أقرب إلى رغبة المتظاهرين حين حدد مهلة 48 وأربعين ساعة أمام الحكومة لتلبية مطالب المتظاهرين قبل الدخول على الخط لحفظ دماء المصريين وتحقيق ما تراه الأغلبية المتظاهرة في الشوارع حقها المشروع من مقومات الديمقراطية.


عن الأسوشيايتد برس والواشنطن بوست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق