الجمعة، 26 يوليو 2013

القناة الأولى تسيء لطقوس العرس بقلعة مكونة


محمد المبارك البومسهولي
        

        قدمت القناة المغربية الاولى برنامج " الهودج" قدمت خلاله طقوس وعادات العرس بمنطقة قلعة مكونة.. وبفضول كبير حرصت على تتبع البرنامج باعتباري من ابناء المنطقة .. وسبق وكتبت عن طقوس العرس بالمنطقة..
      تمنيت ان تخرج القناة عن أسلوبها القديم المتمثل في تقديم المنطقة كشكل "فلكلوري سياحي" رخيص، وأن ترقى بمستواها إلى تقديم المنطقة من خلال عمقها الحضاري العريق، وللاسف اختلط الامر عند معد البرنامج.. واختلطت لديه المعلومات.. وقدم طقوس العرس بنوع من الخلط والخلبطة ودون ترتيب وتقديم معلومات خاطئة.. ويبدو أن الفريق الذي أنجز البرنامج لم يفك رموز المعطيات التي قدمت له في عين المكان.. وسأعود بتفصيل فيما بعد للأخطاء التي وقع فيها البرنامج ما أساء الى طقوس العرس بقلعة مكونة، وشوه معطياتها، وأفرغها من محتواها.. قلت سأعود للموضوع في مقال مفصل بجريدة الاتحاد الاشتراكي حال عودتي الى المغرب..
      وتكفي الاشارة أن مقدمة البرنامج تحدثت عن "أحواش "ومنطقة قلعة مكونة وحوض دادس بكامله لا وجود فيه لأحواش اطلاقا بل يوجد "أحيدوس" او "أُورار" وينقسم إلى قسمين أساسيين هما "تاكوري" وتتميز بالإيقاع البطيء تنطلق بنظم طويل لشاعر له القدرة على الارتجال تم تتم الرقصة في دورة وحيدة.. و"لمساق" ويتميز بالايقاع السريع وغالبا ما يفضله الشباب ويمتد رفصه لأكثر من ثلال دورات..
     وتحدث البرنامج عن "فرق" لاحواش مع العلم أن الأمر لا يتعلق ب "فرق" تأتي من دواوير أو قبائل محترفة بل إن أحدوس يمارسه بالسليقة كل أبناء المنطقة وبالتالي فالعرس بالمنطقة يقام بساحة شاسعة قرب بيت العرس ويتابعه الجميع من أبناء القبائل المجاورة او حتى البعيدة وبالتاي تتناوب هذه الدواوير على الرقص والغناء بنظام كبير حيث أن هناك مُنسق ينادي على أسماء الدواوير وحينها يتقدم أبناؤها كل حسب رغبته واستعداده على شرط ان يكون مرتديا للجلباب للقيام بأحدوس والمجال مفتوح للجميع وليس ل "فرق" تحترف ذلك.. أما النساء فهن لا يتغيرن وبالتالي لايجب أن يكن متزوجات.. البرنامج شوه المشاهد ولم ينسق الفقرات فلم يشر إلى عملية تنقية القمح كطقس يسبق العرس بعد الخطبة.. قال البرنامج بان "إنظامن" أي الشعراء هم "إسناين" وهذا خطاء ف"إسناين" هم وزراء العريس (مولاي السلطان) وهو من يختارهما لينوبا عنه في القيام بالعديد من المهام المرتبطة بطقوس العرس..
     البرنامج أيضا تحدث أن أهل العريس يخاطبون أهل العروس وينعتونها بأقبح النعوت.. وقدمت القناة هذا الطقس في مرحلة قبل الذهاب الى بيت العريس.. بينما الحقيقة أن هناك أشعارا عبارة عن تساؤلات حول حداقة العروس وقدرتها على تحمل مسؤلية البيت الزوجية.. فيكون الرد من أهل العروس بنفس الوزن الشعري والتنويه بخصال العروس.. وهذا الطقس يتم أمام بيت العريس عند الإتيان بها، وتتوج برمي اللوز من طرف العريس من أعلى البيت. للاسف القناة الاولى فصلت بين الطقسين في حين أن المشاهد تختلف عما تقوله مقدمة البرنامج التي اثقلته بالحديث كثيرا عن الدين وما قبل الاسلام والغوص في معطيات نأت بنا بعيدا عن طقس العرس الذي هو موضوع البرنامج فالخلط بين طقوس العرس وطقوس طلب الغيث او ما يسمى ب "تغنجا " تم إن المشاهد المصورة اساءت الى المنطقة.. فعملية سقي العروس لا تتم بإناء قصديري كما بينت القناة بل من إناء من فضة وفي اقل الحالات من نحاس مع العلم ان المنطقة تزدهر فيها صناعة الفضة ..ناهيك عن أن الماء يسقى من مكان تجري فيه المياه صافية وليس ملطخة كما بينت القناة.. وهناك الكثير من الاختلالات التي شوهت حقيقة طقوس العرس بقلعة مكونة سأعرض لها فيما بعد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق