السبت، 31 مايو 2014

الحكومة المغربية في يوم احتفالي باستهلاك التبغ وليس بمكافحته



* الحكومة ترفض التصديق على اتفاقية الاطار للمنظمة العالمية للصحة المتعلقة بمحاربة ومكافحة التدخين والتبغ  رغم كون المغرب يظل  البلد الوحيد  في اقليم الشرق العربي الذي لم يصادق بعد على  هذه الاتفاقية  الى جانب دولة الصومال.؟
*الحكومة ترفض تطبيق  القانون المتعلق  بمنع الإشهار والدعاية للتبغ و ومنع التدخين في الأماكن العمومية ,وذلك منذ ابريل 1991 : القانون رقم 15 ـ 91 ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4318 بتاريخ 2 أغسطس 1995 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 3 فبراير 1996 وتم تعديله في يوليوز 2008؟
* الحكومة ترفض اخراج المرسوم التطبيقي لمنع التدخين في الأماكن العمومية  ويستمر الاشهار في المجلات وفي اماكن البيع والحانات ويستمر التدخين في المستشفيات والمدارس والجامعات ودور السينما والمسارح وأماكن التجمعات؟
*الحكومة تتلكأ في اصدار النص التطبيقي لقانون منع  بيع الدخان للقاصرين لم يصدر بعد  بالجريدة الرسمية ؟
*الحكومة وزارة الصحة تستغربان من نشر اعلانات تجارية لمنتوج السيجارة الالكترونية والترويج لها وتسويقها في اوساط الشباب رغم كونها مضرة ومسبب للسرطان ولم تعمل الى يومنا على  ما التزمت به لتوقيف اشهار و بيع وترويج  السجائر الإلكترونية؟
           يحتفل المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية يوم 31 ماي من كل سنة باليوم العالمي لمكافحة التدخين  من اجل التوعية  والتحسيس والتذكير بالمخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ واستهلاكه .وتدعو بالمناسبة كل الدول الى وضع سياسات  ومخططات فعالة للتوعية المجتمعية والحد من استهلاك التدخين ,لما يسببه من امراض خطيرة تؤدي الى الوفاة .بحيث يعتبر التدخين  المسؤول حالياً عن وفاة شخص واحد بالغ من أصل 10 بالغين على صعيد العالم. فحسب دراسات طبية  وتقارير المنظمة العالمية للصحة ,فان وباء التبغ العالمي يودي  بحياة ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً.منهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر. وإن لم نتحرك اليوم فإن الوباء سيؤدي إلى وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030. وسيسجَّل ما يفوق نسبة 80% من هذه الوفيات التي يمكن تلافيها في صفوف الأشخاص الذين يعيشون في البلدان  ذات الخل المتوسط والمنخفض .
         نفس الدراسات الصادرة عن هذه المنظمة الدولية تؤكد على أن التدخين يعد من العوامل الرئيسة المسببة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرئة، والنوبات القلبية، وضغط الدم والشرايين وضيق الأوعية الدموية، والانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الفم وأمراض الأسنان. كما يؤدي التدخين إلى الإصابة بالعديد من الأمراض والأزمات الصحية، كالسكتة القلبية والجلطة الدماغية، والدرن الرئوي، فضلاً عن أمراض الشيخوخة والضعف الجنسي المبكر. . كما  ان التدخين يسبب زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسرطانات، خصوصاً سرطان الثدي، و يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث الإجهاض وحالات النزف وانزلاق المشيمة والولادة المبكرة وتسمم الحمل. ويؤدي إلى تناقص وزن الجنين، ويزيد من إمكانية حدوث هشاشة العظام، وعدم انتظام الدورة الشهرية، كما يؤثر على خصوبة المرأة.  فادا كانت الأمراض غير السارية تقف وراء 63% من مجموع الوفيات فان تعاطي التبغ هو من أكبر عوامل الخطر.
        وفي هدا الاطار يعتبر المغرب  أحد أكبر البلدان المستهلك للتبغ في  المنطقة المتوسطية ، حيث يستهلك ما يزيد عن 15 مليار سيجارة في السنة . كما يقدر انتشار التدخين بنسبة 18 % لدى المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق، وبنسبة 41% تقريبا لدى الساكنة التي تتعرض للتدخين السلبي. وتدخل بلادنا عبر الحدود  عشرات الآلاف من علب السجائر المهربة  وتحمل  معها سموم مضاعفة وخطيرة على صحة الانسان ,  تباع في السوق السوداء وبالتقسيط في مختلف الأماكن في  الأزقة والمقاهي والدكاكين بأسعار اقل من الثمن العمومي . ورغم ذلك تجني خزينة الدولة ازيد من 10 ملايير درهم سنويا من  الضريبة على التبغ  لكنها لاتبالي ان ما يترتب عن استهلاك التدخين من خسائر تقدر بأضعاف ما تجنيه سنويا و ان الفاتورة الصحية  الثقيلة جدا جراء الامراض التي يسببها التدخين بالمغرب تصل الى  ملايير الدراهم سنويا فضلا عن المشاكل الاجتماعية.ولهدا الاعتبار الأخير وبمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين  لهده السنة 2014، تدعو منظمة الصحة العالمية  إلى رفع الضرائب المفروضة على التبغ و الحد من واستهلاكه من أجل  إنقاذ الأرواح  باعتبار إن زيادة الضرائب التي من شأنها زيادة أسعار التبغ بنسبة 10% تقلل استهلاك التبغ بنسبة 4% في البلدان المرتفعة الدخل وبنسبة تصل إلى 8% في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.وعلاوة على ذلك، فإن رفع ضرائب المكوس على التبغ يعد أكثر تدابير مكافحة التبغ مردودية. حيث أشار التقرير الخاص بالصحة في العام 2010 إلى أن رفع ضرائب المكوس المفروضة على التبغ بنسبة 50% سيولّد أكثر بقليل من 1,4 مليار دولار أمريكي من الأموال الإضافية في 22 بلداً من البلدان المنخفضة الدخل. وإذا خُصصت تلك الأموال للصحة ، فإن الإنفاق الصحي الحكومي في تلك البلدان قد يزيد بنسبة تصل إلى 50%..  كما توصي المنظمة العالمية للصحة بتشجيع الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لحكوماتهم على رفع الضرائب المفروضة على التبغ إلى مستويات تحد من استهلاكه.
        ان اليوم العالمي ليس يوما احتفاليا  كما ارادته الحكومة بقدر ما هو محطة للتقييم النتائج والانطلاق في تحسين المؤشرات الصحية وتدعيم وتعزيز اليات الوقاية والردع فاليوم العالمي  لليوم العالمي للامتناع عن التدخين في المساهمة في حماية أجيال الحاضر والمستقبل ليس فقط من العواقب الصحية المدمرة الناجمة عن التبغ، بل أيضاً من الآفات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخان التبغ. لكننا نجد انفسنا اليوم من خلال هذه النتائج المخجلة اننا  امام حكومة عاجزة عن تنفيذ القانون وتختبئ وراء الشعارات وترمي بالمسؤولية على جهات اخرى  غامضة  والضحايا  والوفيات بسبب التدخين يزدادون سنة اخرى وتجار الموت البطيء ينفخون في حساباتهم بعشرات الملايير.


·        الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة

        

الجمعة، 30 مايو 2014

ندوة علمية وطنية حول الجهوية المتقدمة بالمغرب ـ تحديات و رهانات ..

سعيد العيدي


       

          نظمت الكلية المتعددة التخصصات بخريبكة ندوة علمية بعنوان: الجهوية المتقدمة بالمغرب: أي توافق ترابي لأية تنمية ترابية؟ وذلك يومي الثلاثاء و الأربعاء 27 و 28 ماي 2014 .
وقد عرفت هذه الندوة مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين الجامعيين، والمختصين، ومسؤولي الإدارات العمومية و كذا المنتخبين ورجال الإعلام، حيث تناول المتدخلون إشكالية الجهوية المتقدمة بالمغرب من حيث تحدياتها و رهاناتها، و ذلك وفق مقاربة جغرافية متعددة الأبعاد و متعددة الفاعلين.
       وقد لامست الندوة الوطنية العديد من المواضيع المرتبطة بالجهوية المتقدمة داخل مسار اللامركزية بالمغرب، ثم الجهوية و إعادة التشكيل الترابي والمخطط الجهوي لإعداد التراب الوطني، ومداخلات حول الدراسة المقارنة للجهوية المتقدمة للمشروع المغربي مع التجارب الإسبانية، الإيطالية والفرنسية وحول اية جهوية وأية استراتيجيات للتنمية بأقاليمنا الصحراوية ناهيك عن الجهوية السياحية بالمغرب والرأسمال الاجتماعي باعتباره قاطرة أساسية لنجاح الجهوية وأية حكامة ترابية للفعل الهجروي الدولي.
         كما سلطت الندوة الضوء في بعض مداخلات السادة الأساتذة على مكانة خريبكة العاصمة العالمية للفوسفاط بجهة الشاوية ورديغة ومكانتها من التقسيم الجهوي المرتقب التي سيصبح خلاله إقليم خريبكة تابعا لجهة بني ملال خنيفرة، وسيتقلص عدد جهات الجهة من 16 إلى 12 جهة، كما تم عرض مؤهلات جهة تادلة أزيلال وماتحضى به الجهة من مؤهلات وتروات فلاحية ومائية على وجه الخصوص وعرض خصوصيات منطقة الصحراء والعيون ومنطقة طنجة تطوان التي بدأت تنسجم مع التوجه الجديد للتقسيم الجهوي من خلال دستور المملكة لفاتح يوليوز 2011.
       وقد وقف المتدخلون على اعتبار أن الجهوية الموسعة تعتبر مدخلا حقيقيا وتوجها حاسما في إستراتيجية التنمية الشاملة في كل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية، الشيء الذي يتطلب تظافر إرادة وجهود مختلف  القوى الحية والفاعلة لمكونات المجتمع المغربي، وتعبئتها الكاملة للانخراط الجماعي في المسلسلات المتداخلة لعملية التنمية. وتشكل تقوية مسلسل اللامركزية وعدم  التمركز عنصرا أساسيا لتجسيد سيادة التنمية الجهوية والمحلية. ويجب أن تسمح هذه التقوية بتحقيق التآزر والتكامل بين السلطة التنفيذية وبين الكيانات اللامركزية بغية تحسين نوعية المشاريع المنجزة من قبل كل واحد من هؤلاء الأطراف وحصر تكاليفها والرفع من القدرات والكفاءات في ميدان التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
       إن إشكالية التنمية المحلية عموما بالمغرب، التي تحاول تجاوز مشاكل التخلف بمظاهره التي تحد من التطور واندماج فئات واسعة من المجتمع في صيرورة ودينامية مجتمع متحرك ذو قابلية للتحول والتغيير سيما وأن المراهنة اليوم هي على العنصر البشري بالدرجة الأولى. مع الأخذ بعين الاعتبار أن التنمية المحلية لن تستطع حلها، يتبنى نماذج استتبت في دول هي مغايرة لنا، تاريخيا وثقافيا دون أن يعني ذلك الانغلاق وعدم الاستفادة من تجارب الغير على سبيل تطوير وخلق نموذج ذاتي. والجهة اتخذت كقاعدة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية سيما بعدما أبانت عنه من استجابة في التعامل مع التقنيات العصرية للتدخل والفاعلية.
       إن إشكاليات تداخل الاختصاص بين الجهة والوحدات اللامركزية الأخرى من جهة والدولة من جهة أخرى ونظام التمويل بالجهة وحضور ممثل الدولة القوي" الوالي" على مستوى التدبير الجهوي والتقسيم الجهوي. كلها إشكالات تحد من فاعلية الجهة كفضاء حقيقي لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعرفها المغرب.  لأن الجهة أصبحت في وقتنا الراهن إطارا للوحدة والاستقرار كما هي أساس احترام الاختلاف وضمان للتسيير الشأن العام المحلي بمستويات اقتصادية وإنتاجية متباينة، وذلك بما يخدم ازدهار المواطنة كوحدة ونواة عضوية وانتشار الحرية كفضاء للحياة والتنمية.
      وإذا كانت التجربة الجهوية بالمغرب، قد عرفت تطورا عبر مراحل تاريخية متباينة وفي سياقات سياسية واقتصادية هي الأخرى كذلك، فإن موضوع الجهة وعلاقتها بالتنمية حظي باهتمام كبير وعلى جميع المستويات، خاصة وأن التطورات الأخيرة التي عرفتها قضية الصحراء مع إعلان عاهل المملكة عن منح جهة الصحراء حكما ذاتيا يسمح لهم بتسيير شؤونهم المحلية، وهو بذلك يعطي دفعة جديدة ليس لقضية الصحراء فحسب، بل لنمط من التنظيم الإداري المغربي وهو اللامركزية الإدارية وخصوصا الجهة،  على اعتبار أن العديد من المقترحات الأكاديمية تؤكد على اعتماد نظام الجهوية الموسعة باعتبارها أساس تدعيم التنمية من خلال المشاريع التنموية وكعلاج للفوارق .
      إن المغرب، حسب المتدخلين في الندوة ، يراهن على تنزيل الجهوية الموسعة من أجل تحقيق تنمية محلية شاملة، يستوجب وضع إستراتيجية إصلاحية لواقع الجهة الداخلي والخارجي، يستند بالأساس على تجنيد كل الطاقات والمؤهلات الذاتية للجهة، والعمل على تطوير مواردها وتوظيفها في أنشطة اقتصادية تتلاءم وخصوصياتها. بالإضافة إلى توفير الشراكة مع كل الفاعلين المحليين قصد تفجير طاقاتهم الإنتاجية داخل مجالها. الأمر الذي يستدعى معه وضع تخطيط استراتيجي تساهم فيه الجهة بفعالية بناءا على وضع أسسه وتدبير وسائل وتنفيذه . إلا أن التخطيط الإستراتيجي  يجب أن يرتكز على مجموعة من الوسائل والآليات التدبيرية والتي يمكن إجمالها في توفير المحيط الملائم للمبادرات المحلية قصد تقوية القدرات الفردية والجماعية في الاستثمار والإنتاج. ثم تطوير بدائل للتنمية قوامها تنوع الموارد وابتكار أشكال جديدة للتنظيم والإنتاج تدمج الاهتمامات الاجتماعية والثقافية والبيئية في البعد الاقتصادي للتنمية والتكيف مع المستجدات وتحقيق التأهيل الذاتي كشرط أساسي للبقاء والاستدامة (مفهوم التنمية المستدامة).
       من جانبها، قالت منسقة الندوة الأستاذة فاطمة جبراتي،إن الندوة تعتبر فرصة لمناقشة موضوع الجهوية المتقدمة الذي يعد من المواضيع الأكثر أهمية في مسلسل الإصلاح الذي أطلقه المغرب من أجل تسريع عجلة التنمية والتغلب على تحديات العولمة .
وأبرزت المجهودات التي تبذلها الدولة في مجال موضوع الجهوية المتقدمة التي تندرج في إطار مسلسل اللامركزية عبر منح الجماعات الترابية مزيدا من الموارد والآليات الضرورية التي تمكن من تقوية التدبير واتخاذ القرارات المحلية.
كما اختتمت الندوة العلمية التي ركزت عن الجهة والجهوية المتقدمة ودور النخب والفاعلين والأحزاب السياسية والتي عرفت نقاشا مستفيضا بين الأساتذة والطلبة على مدى يومين بإصدار العديد من التوصيات.