الجمعة، 21 يونيو 2013

مناظرات التبذير وهدرالأموال العمومية وتعطيل الدستور


     على هامش اليوم الوطني للوظيفة العمومية والمناظرة الوطنية حول النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية أصدرت المنظمة الديمقراطية للشغل البيان التالي :
      في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المغربي وقواه الحية أن تتفضل الحكومة  بتنزيل  الدستور الجديد وأن تعمل على تنفيذ مقتضياته تماشيا معا التشريعات الدولية والإنسانية
وفي الوقت الذي  لازالت  فئات واسعة وعريضة  من الشعب المغربي تنتظر وتأمل فيه ان تتحسن اوضاعها المعيشية والحياتية  وتخرج من دائرة  وبراثين الفقر والعوز والهشاشة ويتيسر لها ولوج الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم و وتسعد بسكن لائق وتشعر بأمان وضمان امن غدائي لأبنائها .
وفي الوقت الذي تواصل فيه  عشرا الآلاف من شبابنا المتعلم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا  الصراع من اجل ضمان الحق في الشغل والإدماج والكرامة الانسانية وإعالة من كانوا وراء تعلمهم وحصولهم على شهادة عليا وأغلبهم  اليوم مسنون لايستفيدون من اية حماية اجتماعية .
وفي الوقت الذي تعاني فيه بلادنا من ذيول وتأثيرات الأزمة المالية الدولية والتي  اضطرت  معها وعلى اثرها الحكومة التقليص من ميزانية الاستثمار في قطاعات حيوية بما يعادل 15 مليار درهم بحيث ان  جل مستشفياتنا  العمومية تفتقد الى ابسط الوسائل الضرورية للعلاج والأدوية كما تعاني صناديق التقاعد من الافلاس التام فضلا عن ارتفاع المديونية الى مستوى الخط الأحمر مما يتهدد بلادنا من دخول مرحلة أزمة خانقة قد تؤدي الى اهتزازات غير محسوبة العواقب . 
    ففي ظل هذه الأوضاع المقلقة تستمر الحكومة في تنظيم مناظرات شكلية لاترقى الى الأهداف الكبرى التي رسمها الدستور الجديد وتتماشى مع متطلبات المرحلة الدقيقة التي يمر منها المغرب ، بل رجعت  حليمة الى عادتها القديمة في التبذير والبهرجة الاعلامية في تنظيم مناظرات  وندوات  تعددت ارقامها وشعاراتها وتلاوينها بقدر ما ارتفعت فاتورتها المكلفة والثقيلة  على خزينة الدولة وعلى دافع الضرائب  كان بالأحرى تخصيصها لخلق مناصب شغل وتغطية حاجيات ملحة في الدواء والغداء للمحتاجين .
          كما هو الحال اليوم بالمناظرة الوطنية للوظيفة العمومية حول موضوع "المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية".  وهو بعيد كل البعد عن المناظرات  بل هو اصلا يعتبر من اختصاص المجلس الأعلى للوظيفة العمومية الذي تم تجميده وتحييده كما وقع لجولات الحوارالاجتماعي بين الفرقاء الاجتماعيين التي توقفت رغم طابعها الموسمي والفلكلوري . وقد  سبق وان تداولت في عدة مشاريع تعديلات على بعض الفصول من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية  والتي تم عرضها سنة 2012 على النقابات في الجولة الأخيرة من الحوارالاجتماعي الذي توقف بقدرة قادر مما جعل الحكومة ووزارة الجروج " تتسرع" وتستفرد باتخاذ قرارات تهم تعديل فصول ومراسيم تتعلق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والمراسيم التطبيقية له ..
 كيف الحديث عن  مناظرة وطنية حول نظام اساسي  بمثابة قانون عام صدر منذ سنة 1958 تم تعديل عدد من فصوله في عدة مناسبات  سيتم تعديله ومراجعته في مناظرة وطنية  ومن المفروض ان يعرض على المؤسسة التشريعية هدا اجتهاد جديد في طريقة مراجعة القوانين في يومين وفي مناظرة .........  
  اننا بالفعل امام المهازل وتبذير اموال الدولة  القليلة جدا دون رقيب او حسيب. لقد كان على الحكومة ووزارة تحديت القطاعات المتخلفة جدا ان تعمل على تنزيل الدستور في الجوانب المتعلقة بالمهام والاختصاصات الموكولة لها على الأقل ومنها عقد  مناظرة وطنية تشارك فيها كل الفعاليات والحساسيات الوطنية ودون اقصاء  حول  "الحكامة الجيدة  " والتفكير الجماعي  من اجل بلورة وإعداد  "مشروع  ميثاق  يحدد للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية". لتحقيق  متطلبات احترام معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وإخضاع الادارة المغربية  في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور. وذلك بناء على الفصول 154 و155و 156 و157و 158 و159 و160 من الدستور الجديد.  
     فالإصلاح الحقيقي  للإدارة  المغربية يجب ان ينصب على محيط الإدارة وتخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة وكل أشكال الفساد المالي والإداري وأشكال الرشوة والمحسوبية ونهب المال العام والامتيازات غير المشروعة وغياب الشفافية بما فيها الفساد الذي تعرفه ادارة الوظيفة العمومية  وتحديث القطاعات وضرورة  تقديمها للحسابات  المتعلقة بصرف ملايين الدراهم  في انجاز دراسات متعددة حول نفس المواضيع ومن تمويل للبنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية لازلنا نؤدي ثمنها الى اليوم .
     فموضوع  النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ومراجعته  يعتبر من اختصاص المجلس الأعلى للوظيفة العمومية بموجب  القانون رقم 75.99 المغير والمتمم للظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 04 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والصادر الأمر بتنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 341-00-1 المؤرخ في 29من رمضان 1421 ( 26 ديسمبر 2000) ؛    .باعتبار ان صلاحيات هدا المجلس حددها القانون في ) النظر في جميع مشاريع القوانين الرامية إلى تغيير أو تتميم النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ؛والنظر في جميع القضايا ذات الطابع العام المتعلقة بالوظيفة العمومية المعروضة عليه من طرف الحكومة . ويكلف المجلس في هذا الإطار بـــ :الإدلاء برأيه في مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالموظفين الخاضعين للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ، وإبداء رأيه حول توجهات السياسة الحكومية في مجال التكوين المستمر لموظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية، واقتراح جميع التدابير التي من شأنها تطوير منظومة الموارد البشرية .ثم السهر ، في إطار المهام الموكولة إليه ، على احترام الضمانات الأساسية المخولة للموظفين . ومن تم كان على الوزارة أن تعمل على تفعيل دور المجلس الأعلى للوظيفة العمومية كفضاء يسمح بمناقشة وطرح التصورات الحديثة والعملية للنهوض بالإدارة وبالإطلاع على المشاكل اليومية للتسيير الإداري وذلك عن طريق إشراك جميع الفاعلين المعنيين( الإدارات والجماعات المحلية وممثلي الموظفين.
    فكيف يمكن الحديث عن تنظيم مناظرة وطنية ونحن لم ننقد حتى 1 في المائة مما انجز من مشاريع  ودراسات وبأموال باهظة تهم اصلاح منظومة الأجور .......
    ما علاقة" الكتاب الأبيض "بمراجعة  القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 1958 هل هو نقل او استنساخ لما ستقوم به  وزارة الصحة التي ستقدم بدورها "كتاب أبيض في مناظرتاها ليومي لفاتح يوليو و2 منه حول المنظومة الصحية ام موضة جديدة دخلت قاموس الحكومة ؟
       للحقيقة والتاريخ فلم تخرج وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة عن القاعدة العامة للحكومة في صناعة المناظرات ونتائجها . فبوقوفنا على ما انجز يتبين للعيان و  للمرتفقبين - فانه يمكن الجزم  على ان الحكومة  الى يومنا  لم تبدل جهدا حقيقيا وشاملا من اجل محاربة الأمراض التي  تنخر جسم الإدارة المغربية ولا تبذل الوزارة نفسها  ما يكفي من الجهد للإصلاح الحقيقي والشامل بل تعمل الحكومة  ووزارة تحديث القطاعات على تكريس نفس النهج في التعامل المزدوج وإعادة  إنتاج مختلف مظاهر الفساد الإداري وظواهر المحسوبية والرشوة والعلاقة الحزبية والنقابية ولم تعمل قط على  تفعيل المفهوم الجديد للسلطة بربطه بمفهوم الخدمة العامة وصيانة الحقوق وحفظ المصالح واحترام الحريات و تفعيل ميثاق حسن التدبير...     اين هي العديد من التوصيات الصادرة عن مختلف المناظرات حول الإدارة العمومية ومنها ندوة الأخلاقيات بالمرفق العام والمناظرة الوطنية الأولى للإصلاح الإداري ما هي النتائج اليوم على ارض الواقع سواء التشريعي او الاجرائي الإداري  اين هي اليوم اجرءات الشفافية والنزاهة والحياد في التوظيف والتعيين في المناصب العليا ؟ اين هي تعليل القرارات الادارية؟؟؟ اين هي تنفيد الأحكام القضائية؟؟؟  اين المرأة من مواقع المسؤولية حتى داخل الحكومة؟؟؟  اين هي القوانين الشفافة والديمقراطية في انتخابات اللجان الادارية المتساوية الأعضاء ومناديب العمال ؟؟؟؟* اين هي العدالة الأجرية والتقليص من الفوارق الشاسعة في الأجور والتعويضات؟؟؟
وبالتالي كان على وزارة "الجروج" ان تقوم بتحديث دواليبها قبل ان تبحث عن التعميم  وتذهب الى تنظيم مناظرات لا تخرج عن قاعدة شوفوني .. وكل عام والوظيفة العمومية وموظفي الدولة بألف خير .

المكتب التنفيدي ــ علي لطفي           

                                                                                                                           الرباط في 20 يونيو 2013      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق