الأربعاء، 23 يناير 2013

"يونس مجاهد" يلتحق بالمكتب السياسي لحزب الوردة : محطات نضالية ..


أسفرت الانتخابات التي جرت مؤخرا لتجديد الهياكل القيادية لحزب الوردة عن التحاق مجموعة من الوجوه الجديدة بالمكتب السياسي للحزب، كما هو الشأن بالنسبة ليونس مجاهد الذي عرف على الصعيد الوطني باعتباره نقيب الصحافيين المغاربة .
      يونس مجاهد ترعرع بأحياء المدينة القديمة لتطوان ، عرف طريقه نحو عالم النضال والالتزام السياسي مبكرا ، لما كان عمره في الثامنة عشرة سنة. كرهه لمظاهر الظلم الاجتماعي والتمايزات الطبقية الفاحشة ، ساهما في تبنيه لمبادئ الفكر الاشتراكي وانضمامه لتنظيم "إلى الأمام" في بداية سنة  1974 .
       الاعتقالات في صيف نفس السنة لمناضلين من التنظيم، إضافة لاستحقاقات قسم الباكلوريا وتطلعات أسرته التي كان ابنها البكر، لم تنل من إرادته ، مما أهله لتحمل مسؤوليات أعلى ضمن اللجنة الأساسية الجديدة، لمدينة تطوان، التي كانت تضم في صفوفها أيضا جمال بنعمر وحسن دحمان ، حيث أبان عن انضباط وتفان في العمل، ليس فقط في قطاع التلاميذ من حيث الاستقطاب أو قيادة النضالات المطلبية ، بل حتى في ربط علاقات مع بعض عمال كويلما وشباب حيه الذين أصبح يؤطرهم و يزودهم بمنشورات التنظيم ويناقشها معهم.
      في بداية الموسم الدراسي الموالي وبعد نجاحه في الباكلوريا ، التحق يونس بجامعة محمد الخامس بالرباط ليتابع دراسته الجامعية ويواصل عمله داخل التنظيم ، إلا أنها فترة لم تمتد طويلا بسبب الاعتقالات المستمرة في صفوف "إلى الأمام "التي ستطاله رفقة مناضلين آخرين في يناير 1976 وتقوده إلى محاكمة الدار البيضاء  (فبراير1977) في  ما عرف آنذاك بقضية السرفاتي ومن معه،حيث حكم عليه بعشر سنوات نافذة، إضافة لسنتين "لإهانة القضاء" أو على الأصح إهانة القاضي أفزاز.
تجربة السجن لم تخل بالنسبة له من معاناة إنسانية ، وكانت البداية مع فقدان والده إبان فترة الاعتقال الاحتياطي بسجن عين بورجة،وبعد المسافة عن العائلة ، إلا أن خطيبته آنذاك أمينة بوعياش شكلت  رئته الثالثة التي يستنشق بها الهواء والعين التي تفتح كوة في جدران قلعة النسيان التي حجبت أشعة الشمس عن عشرات الشباب المناضلين لسنوات طويلة.
      وبسرعة فائقة تكيف يونس مع الظروف القاسية للسجن ،وأدرك أن المقاومة في الظروف الجديدة تعني رفض أساليب الإذلال والتحطيم النفسي عبر فرض ظروف اعتقال لا إنسانية ، فكان يونس حاضرا في كل إضرابات المعتقلين السياسيين عن الطعام. و لتكون له فرصة لأن يواكب الحياة من جديد في يوم ما،  كان يونس حريصا على الرياضة وعلى لعب كرة القدم (بل وحتى الدفاع عن ألوان ريال مدريد لما خاض مع مجموعة من الرفاق مقابلة ضد المجموعة الأخرى من أنصار البارصا!). ولما كانت الزنازين توصد أبوابها السميكة ، كان يونس يتسلل ، في غفلة عن عيون الحراس، عبر روايات زولا وهمنغواي وشتا ينبك وحنا مينا وعبد الرحمن منيف... إلى عوالم رحبة مليئة بالألوان ، دافئة بشمس الحرية المحتجزة. كما تنوعت مطالعاته بين ما هو أكاديمي وسوسيولوجي وفلسفي وتاريخي مشاركا بذلك اهتمام وقناعة العديد من المناضلين الذين اكتشفوا أن الفقر النظري والخواء الفكري والاقتصار على القوالب الماركسية الدوغمائية والتبسيطية في تحليل الواقع المغربي كانت إحدى الأسباب الرئيسية في الفشل والطريق المسدود الذي وصل إليه تيار أقصى اليسار المغربي في السبعينيات رغم التضحيات الجسيمة التي قدمها مناضلوه آنذاك.
المراجعة الصارمة والنقد الذاتي للتجربة وتبني اختيار إستراتجية النضال الديمقراطي، قادا يونس مجاهد، رفقة مناضلين آخرين ، إلى القطيعة مع التجربة السابقة ونسج  علاقات جديدة مع حزب الاتحاد الاشتراكي ، ومن ثم الكتابة في بعض المنابر الإعلامية للحزب وصولا إلى المساهمة رفقة مناضلين آخرين، بأرضية من داخل السجن في المؤتمر الوطني الرابع للحزب سنة 1984.
       بعد معانقته للحرية، ، سيزاوج يونس  ما بين النضال في صفوف الحزب و العمل الصحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي ووكالة إيفي لفترة طويلة ، وما بين الدفاع عن حرية التعبير وتحسين أوضاع الصحافيين من خلال تطوير تجربة النقابة الوطنية للصحافة المغربية لجعلها قادرة على مواجهة التحديات والإشكاليات المختلفة المرتبطة بالتحولات التي يعرفها الواقع المغربي أو بتأثيرات الثورة المعلوماتية. ولعل التحدي الأخير هو ما جعله يقدم على خوض غمار تجربة تأسيس موقع الكتروني بمواصفات مهنية يكون من ضمن اهتماماته الرئيسية الدفاع والتعريف عن قضايانا الوطنية من خلال منظور إعلامي احترافي يتجاوز القصور والسلبيات التي لا تزال تكبل أداء الإعلام الرسمي.
     خلال اللقاء التواصلي والإنساني  بالهرهورة، في مطلع السنة الحالية، الذي جمع قدماء المعتقلين الذين حوكموا بالبيضاء خلال 1973 و1977، كان يونس مجاهد يبدو منشرحا بلقاء عديد من المناضلين الذين تقاسم معهم رحلة الألم والأمل ، وفي معرض حديثه عن خلاصات ما يسمى بالربيع العربي دافع يونس عن ضرورة بناء جبهة عريضة للقوى اليسارية والحداثية لمواجهة خطر المد الأصولي الذي يهدد بكل تاكيد القيم وكل المكتسبات الديمقراطية التي حققها المغاربة بعد نضال مرير دفعت فيه قوى اليسار تضحيات جسيمة. والأكيد أن يونس مجاهد الذي تعود على المعارك السياسية منذ عقود طويلة ، سيواصل المسيرة من موقعه الجديد بالمكتب السياسي لأعرق أحزاب اليسار المغربي الذي يأمل الكثير من متعاطفيه أن يكون في الموعد لبناء المغرب الجديد الذي نحلم به منذ زمن بعيد .
Ajouter une lég
يونس جلوسا وعلى يساره الأمين مشبال ثم أحمد حرزني. وقوفا وسط الصورة جمال بنعمر وعلى يساره عبد العزيز الطريبق
ende
 
                                                                           ـ محمد الأمين مشبال
aljisrchamali.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق