الخميس، 17 يناير 2013

بحث تخرج : جرائم الصحافة بالمغرب


مقدمة عامة  :
      
      إن البحث في جرائم الصحافة أمر على قدر غير يسيرمن المجازفة ، لكون المسألة لم توجد في إطار الفقه أو النظريات القانونية  .ففي الوقت الذي كنا نأمل فيه تضمين بحثنا هذا إجتهادات وآراء فقهية ، اصطدمنا بمجموعة من الصعوبات، لعل أهمها قلة المراجع التي حالت دون ذلك ،وذلك ما جعلنا نبدي آراء ا شخصية على قدر المستطاع بخصوص إشكالات معينة يثيرها الموضوع، آملين أن تجد صدى من قبل الصحفيين والمعنيين بالمجال القانوني.
     من المسلم به أن الجريمة ظاهرة متنوعة ، فكما يمكن أن ترتكب من قبل شخص أمي جاهل ، يمكن أن ترتكب كذلك من قبل شخص على مستوى عال من التعليم، وذلك ما يظهر جليا من خلال الجريمة الصحفية ، فهذه الأخيرة يمكن تعريفها بأنها كل فغل أو امتناع مخالف لقانون الصحافة ومعاقب عليه بما تقضي به مواده ، إلا أن ذلك لا يعني أن الصحفي قد لا يعاقب بموجب قوانين أخرى ، بل العكس كما سنرى.
     لقد أشتد الجدل في الآونة الأخيرة حول الأخلاق المهنية للصحافة وحدود النقد المباح الذي يمارسه الصحفي خاصة حينما يتعلق الأمر بأعراض المواطنين وسمعة الأفراد والعائلات ونشر الإجراءات القضائية أثناء التحقيق والمتابعة ومختلف مراحل المحاكمة . تعرضت سمعة العديد من المواطنين للإعتداء من قبل الصحفيين، وخاصة منهم أولئك الذين يستعملون حريتي التعبير والرأي بصورة سلبية ، فتنساق وراء جلب الأرباح عبر إثارة المشاعرو إختلاق الأخبار الكاذبة ،فيكون الضحية هو المواطن ، إما مستهدف من المقال الصحفي بعيب أو إهانة أو قذف أو سب، أو من خلال حرمانه من حقه في تلقي الخبر الصادق .
    أهم ما يعاب على الصحافة هو تلك الأرقام القياسية من الجرائم التي ترتكبها دون وجود متابعات أو إثارة المسؤولية أو توقيع الجزاءات في حق المسؤولين عنها ، فهذه الجرائم تبقى دون شك أسيرة الرقم الأسود للأجرام ، ومن الأمثلة عنها نشر الصحفيين لصورة الأشخاص وخاصة منهم المتابعين في قضايا جنائية دون إذن منهم أو إذن من الجهات المخولة ذلك قانونا، إضافة إلى انتهاكات الصحف لمبدأ سرية التحقيق أو نشر وثائق الإتهام ، ناهيك عن جرائم السب والقذف والمساس بالحياة الخاصة للأفراد …...إلخ  .إنه لمن العيب أن ترتكب هذه الجرائم وغيرها من قبل فئة ينتظر منها توعية الرأي العام لمخاطر الجريمة حتى يتم القضاء عليها بمختلف أشكالها.
لا نجد سببا للإستغراب بخصوص ارتكاب الصحافة للجرائم، خاصة أمام تدني مستوى تكوينها القانوني فإذا كانت نسبة قليلة من خريجي كليات الحقوق تلج مجال الصحافة إضافة إلى أولئك الذين يلجون المجال من خلال معهد علوم الأعلام ـ وهم على أية حال لا يدرسون إلا مبادئ القانون - فإن غالبية الصحفيين يدخلون مجال الإعلام بدون تكوين قانوني معتمد عليه ، و من هذه الفئة : مجازو الأدب العربي أو الفرنسي أو حتى الإنجليزي وغيرهم ، فأية علاقة لهؤلاء بالمجال القانوني أو على الأقل بمبادئ القانون ؟
إن ما يؤكد طرحنا المذكور هو ذلك السؤال الذي طاردنا في كل حوار مع مسؤول عن جريدة ما يسألنا عن موضوع البحث ، فنجيب بكل تواضع «جرائم الصحافة بالمغرب»، فيرد باستهزاء : أية جرائم ترتكبها الصحافة بالمغرب؟، فإذا كان لا يعلم بجرائم ترتكبها فئة ينتمي إليها أو يكون مسؤولا عنها ، فكيف ينتظر عدم ارتكابه لها، هو ومن يعملون تحت إمرته؟
إن إدانات الصحافة للأشخاص قبل إدانتهم من قبل الجهات المخولة ذلك قانونا يؤثر على نظرة الرأي العام لهؤلاء، وهذا ما وقع في« قضية الحاج تابت» وتكرر مع ِ"قضية السليماني والعفورة " و « قضية الجبلية »وغيرهم….
آن الأوان للصحافة أن تعلم بأنها ترتكب من الجرائم ما لا يرتكبه أولئك الذين تقوم بإدانتهم، فتجد بالجريدة الوحيدة ، أنواعا مختلفة من الجرائم بدء ا بالمساس بمبدأ سرية التحقيق ومرورا بالمساس بصورة الفرد والتي تعد استمرارا لشخصيته , ناهيك عن جرائم التحريض على الفساد والتحريض على السحر والشعوذة ...
   إن التكوين القانوني الضعيف للصحفيين المغاربة يبعدهم عن تلك النظرة التي يأمل الجميع أن يرى الإعلام المغربي عليها ،خصوصا وأن الشيء الكثير ينتظر منها أمام صدور قانون تحرير القطاع السمعي البصري .
إن الغريب في الأمر هو أن المتلقيات التي تعقدها المؤسسات الصحفية وأخرها ملتقى الصخيرات ،لا تتطرق في جدول أعمالها ، ولو لنقطة يتيمة تتعلق بجرائم الصحافة، على الأقل لتوعية الصحافيين بخروقاتهم للقانون ، فيدأب كل واحد منهم إلى المطالبة بما يهمه، احدهم يدعو إلى تأهيل المقاولة الصحفية وتسريع عملية إنفتاحها على الوسائل التكنولوجية ، وآخرون يدعون إلى تمتيع هيئة أخلاقيات المهنة الصحفية بصلاحيات القضاء ومنهم من اعتبر الصحافة المغربية قادرة على المنافسة ….. لكن السؤال الذي يطرح نفسه باستمرار هو كالآتي:
ما محل الجريمة الصحفية من آهتمامات الصحفيين ؟
من خلال هذا البحث المتواضع ،سنعمل بإذن الله على الإجابة على ما سبق من تساؤلات وأخرى نعرضها أسفله وهي كالآتي :
أين تتجلى أهمية حرية الصحافة وما هي حدود ممارستها ؟
ماموقع أخلاقيات المهنية من إهتمامات الصحفيين؟
أي تكوين قانوني للصحفيين المغاربة ؟
أية مسؤوليات تترتب على ارتكاب الجريمة الصحفية ؟
أية أضرار مادية ومعنوية قد تترتب على ارتكاب الجريمة الصحفية ؟
متى يمكن إعفاء المسؤول عن الجريمة الصحفية من المسؤولية؟
ما هي أنواع الدعاوى المترتبة على ارتكاب الجريمة الصحفية ؟
وأخيرا ما هي أنواع الجزاءات المطبقة في حق المسؤول عن الجريمة الصحفية ثم تلك المطبقة في حق المؤسسة الصحفية ؟

الأستاذ محمد أحداف المؤطر :    الأستاذ المؤطر
من إنجاز الطلبة : أمين ع.  &   سهام ح.   &  عبد الواحد ص.
السنة الجامعية: 2005/06

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق