الأحد، 17 مارس 2013

المغرب العربي..الأمل الذي طال إنتظاره


بقلم/عبدالمجيد مصلح
      تعيش المنطقة المغاربية مخاضا عسيرا ومحاولات عديدة وجادة من أجل الوصول إلى مبتغى شعوبها على إمتداد رقعتها الجغرافية من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي، ألا وهو تحقيق الوحدة المغاربية الشامل سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا، والخروج من دائرة الشتات والتمزق التي إنعكست سلبا على مصير هذه الأمة العظيمة وأصبحت تهدد مستقبلها وسلامة أراضيها وسيادتها.
    فالتاريخ المغاربي حافل بالعديد من المحاولات والإجتهادات التي قامت بها عدة أطراف مغاربية وعلى رأسها الملك الحسن الثاني رحمه الله، وذلك قصد نبذ الخلافات والنزاعات وتركها جانبا، وخير دليل على ذلك إستقبال الحسن الثاني رحمه الله للرئيس الجزائري الهواري بومدين رحمه الله،رغم ماقام به هذا الأخير في حق المغرب والمغاربة، والمضي في طريق الوحدة المغاربية التي هي الأمل الوحيد لضمان العزة والكرامة لشعوبها التي تتطلع إلى الأحسن والأفضل.
    مدينة مراكش، لقد كانت محطة لخمسة رؤساء سجل التاريخ أسماءهم بماء الذهب إلا أنه وللأسف الشديد غالبا ماتبوء كل هذه المحاولات بالفشل، نظرا لإعتمادها على المنظور السياسي الذي تطبعه المصالح الذاتية والحسابات الإستراتيجية والإيديولوجية دون الحديث عن تدخل العديد من الأطراف المعادية للأمة المغاربية قصد تقويض مسيرة الوحدة وكذا تأزيم العلاقات بين الأقطار المغاربية وخلق كثير من المعوقات والصعوبات التي تحول دون تحقيق الصفاء والود بين الأخوة المغاربيين، كما أن هذه الأطراف تسعى بكل جهد ودون كلل لكي تستغل أي ظرف كي تضع يدها على خيرات الأمة وتحاصر شعوبها وتشدد عليهم الخناق رغبة منها في تطويق كل الطاقات والقدرات المغاربية لمنعها من التقدم والتأقلم مع ماوصل إليه العالم من تطور في ميادين التكنولوجيا والعلوم الحديثة.
    فبالرغم من وجود عدد كبير من نقط الإلتقاء كالموروث الحضاري الضخم والغني والزاخر بالعديد من المنجزات والذي يعتبر أمانة يجب المحافظة عليها وصيانتها من الضياع والإندثار، كما أن عامل اللغة يعتبر من أهم الوسائل التي تسهل التواصل والحوار بين أطراف الأمة المغاربية، وغيرها من المميزات الأخرى التي لم تتمكن من خلق حيوية بين العلاقات المغربية الجزائرية، إذ يطبعها نوع من الحذر كما أنها تتسم بالحساسية وتفتقد إلى عنصر الثقة التي هي أساس الوحدة ورص الصفوف. وفي خضم كل هذه المفارقات يبقى دور المثقف المغاربي هاما وضروريا من أجل خلق جو من التفاهم والحوار بين أقطار المغرب العربي، والبحث في الموروث الثقافي قصد تفعيله وبلورته لخدمة القضايا القومية لمواجهة التحديات الكبرى والهامة التي تجابه أبناء هذه المنطقة وفوق كل هذا تقريب الرؤى بينهم ونبذ كل الحزازات التي تنعكس سلبا على مصالح المواطنين وحقوقهم.
    ومن هذا المنطلق، وعلى غرار العديد من الشعوب الأخرى التي حققت الوحدة وذهبت بعيدا في هذا المنحى كالإتحاد الأوربي مثلا، يجب أن تعطى الفرصة للمثقفين والفاعلين الإقتصاديين والإجتماعيين من أجل المساهمة وبكل فعالية قصد تحقيق أكبر قدر من التوافق والتراضي بين شعوب المنطقة، بعيدا عن الصراعات السياسية والإيديولوجيات، حتى تحقق حلم الوحدة  "المغرب العربي" الذي لطالما راود أبناء المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق