السبت، 26 أبريل 2014

الدبلوماسية التقليدية لمْ تعد كافية لإدارة ملف الصحراء ..


        الدبلوماسية التقليدية لمْ تعد كافية لإدارة ملف الصحراء، بل لا بدّ من اعتماد دبلوماسية جديدة، ذات أبعاد متعدّدة، منها الاستغلالُ الأمثل لوسائل الاتصال الحديثة، من أجل التعريف بالموقف المغربي، والتأثير على الرأي العامّ الدولي، وعبره صُنّاع القرار، في مختلف العواصم ذات الثقل العالمي .
        ذاكَ ما ذهب إليه باحثون، خلال لقاءٍ علميّ نوقش فيه موضوع "ملف الصحراء وسط المتغيرات الجيو استراتيجة.. تشخيص وسيناريوهات"، نظمه، بالرباط، المركز المغربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، بشراكة مع المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات.
ـ ماء العينين : المغرب يفتقر إلى إستراتيجية واضحة
         علاقة باستغلال وسائل الاتصال الحديثة ، قال محمد الغيث ماء العينين، إنّ المغرب، في هذا الجانب، يفتقر إلى إستراتجية واضحة ومحددة، للدفاع عن قضية وحدته الترابية، من خلال ما تتيحه وسائل الاتصال الحديثة، رغم المبالغ المالية الطائلة التي يتمّ صرفها؛ وفي مقابل غياب إستراتيجية واضحة لدى المغرب، يضيف المتحدث، تستغلّ جبهة "البوليزاريو" هذه الوسائل بشكل أكثر تأثيرا، "إذْ يكفي أن تحدث مناوشة بين أحد الانفصاليين مع شرطي، في مدينة العيون، حتّى يتمَّ تصويرها، ونشرها على الانترنت، وهذا يؤثر أكثر على المنظمات الحقوقية الغربية".
واعتبر ماء العينين، أنّ التسويق الأمثلَ لأطروحة المغرب، حول قضية الصحراء، يستطيع أن يثمر نتائجَ ذات أثر كبير، عبر القنوات الرقمية، التي لا تتطلب أموالا طائلة، بل إستراتيجية واضحة وذات أهداف محددة وتابعَ أنّ جبهة "البوليزاريو" كانت سباقة إلى التعامل مع وسائل التواصل الالكترونية، وكان هناك، في المقابل، من المغاربة من يدافع عن القضية، من خلال الوسائل الحديثة، لكن بشكل غير مؤطر، ويتمثّل، على الخصوص، في التهجم على مواقع الخصم، أو قرصنتها، وهو ما تستغلّه الجبهة لصالحها؛ وأضاف أنّ المواقع الستة للمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، كلها ليست مصنّفة في مؤشر "أليكسا"، لتصنيف المواقع الإلكترونية.
         وبخصوص السيناريوهات المُحتملة، خلال السنة القادمة، قال ماء العينين إنّه يتوقّع ألّا يخرج قرار مجلس الأمن الدوليّ عن تمديد "المينورسو"، دون أن يتمّ توسيع مهمّة البعثة، لتشمل مجال مراقبة حقوق الإنسان، كما تطالب بذلك الجهات المناوئة للمغرب، لأنّ التغيّرات الجيو استراتيجية التي يشهدها العالم، وحاجة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية للدور الذي يقوم به المغرب في إفريقيا، تقتضي نوعا من التريّث، وعدم خلق بُؤر توتّر جديدة؛ وعاب المتحدّث على الفاعلين السياسيين، وعلى الأحزاب نهج سياسة "التفاعل الظرفي" مع ملف الصحراء، قائلا "بعد تمديد مهمّة المينورسو، سيخرج الجميع مرة أخرى للحديث عن الانتصار، وبعد ذلك سيركن الجميع إلى الصمت".
ـ حسناوي : المواقعُ الالكترونية لبعض السفارات لا تعمل        
         من جهتها، انتقدت الباحثة الجامعية ياسمين حسناوي، في مداخلتها التي تناولت فيها موضوع دور الجالية المغربية المقيمة بالخارج في الترافع عن قضية الوحدة الترابية، عدم إيلاء المغرب ما يكفي من الأهمّية لوسائل الاتصال الحديثة، للتعريف بقضية الصحراء، قائلة إنّ المواقع إلكترونية لعدد من سفارات المغرب في الخارج لا تعمل، كما أنها لا تتضمّن الوثائق القانونية للمساعدة على التعريف أكثر بالقضية، متسائلة: "كيف يمكن الدفاع عن قضية الوحدة الترابية في صفوف الجالية، وعندما نضع اسم الصحراء المغربية، على محرّكات البحث نجد فقط اسم الصحراء الغربية؟"، داعية وزارة الخارجية إلى العمل على سدّ هذه الثغرة، التي تستغلّها جبهة البوليزاريو.
        وتابعت حسناوي قائلة إنّ على المغرب أنْ يُبادرَ إلى ابتكار طرق جديدة للتعامل مع ملف وحدته الترابية، والأخذ بآليات احترافية لمواجهة الخصوم، والعمل على الدّفع بمن لديهم قدرات تفاوضية، للدفاع عن القضية، مشيرة إلى أنّ هناك كثيرا من المغاربة المقيمين في الخارج، ممّن يملكون الوسائل الكفيلة للترافع عن القضية، من جزانبها المتعدّدة، الحقوقية والقانونية، ودَعتْ إلى اعتمادِ دبلوماسيةِ أخذ المبادرات الاستباقية، دونما انتظار تحرّكِ الخصوم، قائلة "العملُ يجب أن يكون على مدار السنة، والاشتغال عن قرب مع كفاءات الجالية المغربية المقيمة في الخارج، والتي تستطيع أن تكون ورقة ضغط، كما دعت إلى صرف "الأموال الطائلة" التي تُمنح للجمعيات بشكل معقلن، وفي الاتجاه الصحيح.
ـ الفاتحي : الدبلوماسية الحزبية نائمة
        عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في قضية الصحراء والشأن المغاربي، استعرض في مداخلته التقارير الصادرة عن مجلس الأمن الدوليّ منذ سنة 1993 إلى غاية سنة 2013، وقال إنّ جميع هذه التقارير لم تتحدّث عن أنّ الصحراء الغربية أرض مستعمرة، على مدى عشرين عاما؛ وفي سياق الحديث عن فتْح المجال أمام الفاعلين الحزبيين والجمعويين، في إطار ما يسمّى بـ"الدبلوماسية الموازية"، قال الفاتحي إنّ المغرب "لا يشتغل بالدبلوماسية الموازية على الإطلاق، لأننا لا نملك تراكما يؤهل الجمعيات على لعب هذا الدور"، أما الدبلوماسية الحزبية، يقول المتحدث، "فهي نائمة"، مشيرا في هذا الصدد إلى عدم صدور أي تنديد من طرف الأحزاب السياسية بالتقرير الأخير الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، حول الصحراء.
       وتحدّث الفاتحي في مداخلته عن المشروع التنموي في الصحراء، مذكّرا بما ورد في خطاب المسيرة الخضراء، منذ الذكرى الخامسة والثلاثين، والتقرير الذي أعدّه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قائلا إنّه لم يتم تنظيم ولو ندوة ، للتعريف بهذا المشروع، بل كان فقط وسيلة للمناورة، فعندما تبدأ دورة أبريل لمجلس الأمن الدولي، تصدر قرارات عاطفية وانفعالية، من قبيل تسريع التعامل مع الشكايات الواردة من الأقاليم الجنوبية، على حدّ تعبيره، وهو ما اعتبره نوعا من التمييز بين باقي مناطق المغرب، متسائلا كيف يمكن أن نتحدث عن حقوق الإنسان في الجنوب ولا نتحدث عنها في الشمال. هذه القرارات "الانفعالية"، يقول المتحدّث، تجعلها تفتقد إلى عامل الوثوقية لدى الآخر، وتطرح سؤال ما مدى قدرة المغرب على بلورة هذه القرارات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق