الجمعة، 18 أبريل 2014

التداول "حول الحق في الحصول على المعلومات"


        احتضنت منظمة حريات الإعلام والتعبير-حاتم بتعاون مع معهد التنوع الاعلامي باحد فنادق الرباط أمس الخميس 17 أبريل 2014 لقاء تداوليا حول الحق في الحصول على المعلومات بمشاركة مسؤولين و برلمانيين وخبراء وجمعويين و حقوقيين وإعلامييين . وفي انتظار التقرير الختامي لهذا اللقاء فيما يلي الارضية التقديمية له .
         لم يعد الحق في الحصول على المعلومات فقط حقا من الجيل الثالث من حقوق الانسان ، بل أصبح أيضا معيارا بارزا لقياس انخراط أي بلد ضمن "نادي الديمقراطية " ، و ركيزة أساسية في منظومة مجتمع المعرفة و التنمية المتعددة المستويات .
فمثلا هناك شبكة عالمية لبلدان " الشراكة من أجل الحكومة المفتوحة open gov" و هي عبارة عن شبكة تضم 64 بلدا من أبرز شروط ا لانضمام لها و بالتالي ا لاستفادة من المساعدات التي تقدمها منظمة التعاون للتنمية الاقتصادية OCDE التي ترعى هذه الشبكة لا بد من التوفر على قانون متطور خاص بالحق في الحصول على المعلومات ، وإرساء نظام للشفافية و ربط المحاسبة بالمسؤولية ، ووضع المواطن في مركز السياسات العمومية ...
احتضنت الرباط لقاء على شكل ورشة بالرباط يوم الثامن من أبريل 2014 لتقديم نتائج البحث في توفر المغرب على شروط الانضمام الى مشروع "الشراكة من أجل حكومة مفتوحة ".
و أعلن المشرف عن المشروع بمنطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا "بأن المغرب لم يصل بعد الى 12 نقطة من ضمن 16 الضرورية كحد أدنى للانضمام الى الشبكة ، وإذا أنجز المغرب قانونا جيدا للحق في الحصول على المعلومات سيتقدم في اتجاه التوفر على شروط الانضمام ..."
و هذا المشروع نموذج فقط لمطلب ضمان الحق في الحصول على المعلومات و ترسيخه قانونا و ممارسة على الصعيد الأممي و الدولي ، إلا أن الأهم من ذلك هو أنه مطلب وطني قوي و مؤسس مجتمعيا .
        بدأ انتشار فكرة الحق في الولوج للمعلومات و تنظيمه و تقنينه بالمغرب في أواسط التسعينات . و خلال العشرية الأولى من هذه الألفية تطورت المرافعة المجتمعية من أجل هذا الحق ، لا سيما عبر جمعية ترانسبارنسي و مركز حرية الاعلام بالشرق الاوسط و شمال افريقيا و جمعية عدالة و بمساهمة العديد من الباحثين و الفعاليات الحقوقية و الجمعوية و من ضمنهم أعضاء من منظمة حريات الاعلام و التعبير –حاتم.
و قد أنتجت هذه المرافعات ندوات و خلاصات ووثائق ، تأسيسية و ذات أهمية بالغة ، إلا أن السلطات السياسية و الادارية المعنية من بعيد أو من قريب بالموضوع لم تأبه بكل ذلك الجهد و التراكم . وأضاعت بذلك رصيد عشر سنوات من النقاش و الانتاج الجادين في الموضوع ، بسبب عدم الإنصات للمجتمع و هو يدعو الى تأهيل المغرب في هذا الجانب الأساسي كأحد شروط الولوج للمسار الديمقراطي.
ذلك ان الجهات الحكومية انطلقت من الصفر عندما اضطرت للتعامل مع هذا الحق لا سيما بعد الضغوط التي مارستها عليها جهات دولية تجعل من توفر المواطنين و المستثمرين و غيرهم على حق الحصول على المعلومات شرطا للتعامل مع الحكومات في بعض المجالات و القطاعات.
        و لما هبت رياح الربيع الديمقراطي بالمنطقة العربية ، التفتت السلطات السياسية بالمغرب لهذا الحق من جديد
ولِمَا تطرحه القوى الحية في المجتمع ضمن حركة  20فبراير و المطالب المتبلورة في سياق الحراك المغربي
وضمنه المطالب الدستورية . و أدى كل هذا الى تضمين دستور 2011 الفصل 27 الذي ينص على : " للمواطنات
والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات
المكلفة بمهام المرفق العام.
لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، و حماية أمن
الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص
عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة".
و قد سجل المتتبعون هذا الفصل عامة بإيجابية، بَيْدَ أن للعديد منهم ملاحظات حوله ، و في كل الاحوال فإن تفعيل
هذا الفصل على علاته ما زال بعيدا رغم مرور ثلاث سنوات على تبني الدستور.
لقد كانت أولى علامات مناقضة مضامين الدستور و بالتحديد فصله 27 هو محاكمة المهندسين ألويز و رضا بتهمة تسريب وثائق تبادل "العيلاوات " بين وزير المالية السابق ووزير الخارجية الحالي السيد صلاح الدين مزوار و الخازن العام للمملكة السيد بنسودة للصحافة.
         و بعد عدة شهور من التداول في القضية أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكمها بالحبس شهرا موقوف التنفيذ و الغرامة على السيد ألويز ، و ستستمر هذه القضية مفتوحة إذا ما نقلت الى درجة الاستئناف .
و بينما صرح وزير العدل و الحريات بأنه أعطى تعليماته لفتح تحقيق قضائي في القضية الأصلية و هي "تبادل العيلاوات " ، فإن أي ملف قضائي لم يفتح في الموضوع .
و تكشف القصة المطولة لتعثر خروج قانون للحق في الحصول على المعلومات بالشكل الذي يترجم الفصل 27 من الدستور و يقدم كافة الضمانات لممارسته الفعلية التساؤل الكبير حول وجود إرادة سياسية لتفادي العجز الذي يعاني منه المغرب في هذا المجال و يكلفه خسائر فادحة على عدة مستويات...
فمن التعاطي غير الملائم مع مقترح احد الاحزاب في الموضوع لمجلس النواب ، الى المشروع الاول للوزارة بعد تشكيل لجنة حكومية تمثلت فيها ثمان وزارات، الى المناظرة التي عقدتها وزارة الوظيفة العمومية ،فالصيغة الثانية لمشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات ، الى المجهول الذي دخله المشروع بعد التعديلات التراجعية التي مست صيغته الثانية عند تقديمه من قبل الوزير الجديد، رغم أن المجلس الحكومي حدد أجل شهر للجنة الوزارية لتقديم مشروع جديد، فقد مَر الآن أزيد من شهرين و لا أحد يعرف صيغة المشروع الجديد / القديم و لا لماذا لا ينشر كباقي مشاريع القوانين في موقع الأمانة العامة للحكومة ؟؟؟...
         و في سياق التنبيه و الترافع سبق لمنظمة حريات الاعلام و التعبير-حاتم بشراكة مع جمعية ترانسبارنسي و نقابة الصحافة أن نظمت يوما دراسيا يوم 18 أكتوبر 2013 ساهمت فيه عدة مؤسسات وطنية و منظمات مدنية و خبراء و باحثين و شاركت فيه وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الادارة و خلص إلى ضرورة بلورة قانون للحق في الحصول على المعلومات يوفر الضمانات اللازمة ليكون فاعلا في أقرب الاوقات و ليمكن كافة المواطنات و المواطنين من الولوج الى للمعلومات تأكيدا لمواطنتهم و انخراطا في بناء دولة المؤسسات و الحق و القانون و تطوير الشفافية ، كما خلص من جهة أخرى الى ضرورة التهييئ لكافة التدابير المؤسساتية و الإدارية و التنظيمية و الاعلامية و الثقافية لترسيخ الحق في الحصول على المعلومات و خلق محيط ملائم للتنفيذ العاجل لأي قانون يصدر حول هذا الحق .
و اليوم نفتح هذا اللقاء التداولي حول " الحق في الحصول على المعلومات " بتعاون و شراكة مع معهد التنوع الاعلامي من أجل تطوير الحوار بشأن هذا الحق ، بين شرائح من المعنيين بالموضوع من مسؤولين و برلمانيين و جمعويين و حقوقيين و باحثين... و ذلك في أفق توضيح الرؤية فيما يخص هذه القضية و سياقها و توسيع المشاركة في بلورة القرارات و الإجراءات بخصوصها .

محمد العوني ــ رئيس منظمة حريات الاعلام و التعبير- حاتم
17
أبريل 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق