الثلاثاء، 28 يناير 2014

بيان من أجل إعادة تأطير النقاش حول الإعلام العمومي


      على إثر التداعيات المتصلة بدفاتر التحملات للقنوات العمومية ولاسيما ما يتعلق بملف طلبات العروض الخاصة بالإنتاج الخارجي والمشترك الذي جاء من أجل تطبيق مبادئ الحكامة والشفافية التي ينص عليها الدستور، وإزاء الجدل الدائر في الساحة الإعلامية والخاضع في الغالب الأعم لنزاع المصالح، والذي لا يراعي خصوصية المجال وكل العاملين فيه من فنانين ومخرجين وإعلاميين وتقنيين ومنشطين وهيئاتهم المهنية، وهو ما يبدو جليا من خلال عدم إيلاء الفاعلين الأساسيين في صناعة المضمون الإعلامي المكانة اللائقة بهم في النقاش العمومي حول هذا الملف، وتحويل الأمر إلى خلاف بين المؤسسة الإعلامية والمنتجين المنفذين، الذين لا يشكلون في الواقع سوى طرف واحد في العملية الإنتاجية؛ تسجل الهيئات الموقعة على هذا البيان أن النقاش الدائر، تم تحريفه، شكلا ومضمونا، عن مساره النافع الذي هو البحث عن سبل تطوير خدمة الإعلام العمومي لفائدة المواطنين والإسهام في الجهود التنموية للبلاد، مع ما يتطلبه الأمر من جودة ومهنية، دون السقوط في التجاذب حول الاعتبارات ذات الخلفية الريعية.
وبناء على ذلك تعلن الهيئات الموقعة ما يلي:
1. إن النقاش العمومي الدائر الآن لا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجال الذي يتعلق أساسا بما يعرف بمنتجات الفكر
les œuvres de l’esprit كما تحددها وتعرفها المواثيق الدولية، ومنها المنتَجات السمعية البصرية التي تظل ملكية خالصة لمبدعيها
2. إن المنتِج الحقيقي هو من يمول الإنتاج. وتنطبق هذه الصفة، في حالة المغرب، على المؤسسات الإعلامية العمومية، التي تسخر المال العمومي لهذه الغاية. مما يحملها بصفة مباشرة واجب الحفاظ عليه وترشيده، وفق مبادئ الحكامة الجيدة التي ينص عليها الدستور؛ كما يحملها مسؤولية الحرص على احترام حقوق وواجبات الأشخاص الذاتيين والمعنويين المساهمين كل حسب تخصصه، في عملية الإنتاج والإبداع، ولا يخلي بأي حال من الأحوال عاتقها من هذه المسؤولية وذلك الواجب، ولا يمكنها تفويض صفة المنتج لشركات لا تتعدى مهمتها تنفيذ الإنتاج لفائدة هذه المؤسسات ولو بصيغة ضمنية؛
3. إن نظام طلبات العروض الحالي وإن كان خطوة إجرائية أولى في اتجاه تحقيق الحكامة الاقتصادية، يبقى في حاجة إلى إجراءات إضافية لضبط قواعد العمل وأساس احتساب كلفة المنتوج، بما يتلاءم مع طبيعة الأعمال المراد إنجازها. في أفق إقرار منظومة تتناسب مع الحكامة الثقافية والإعلامية ونموذجها الاقتصادي الخاص عندما تكون حقوق وواجبات كل الأطراف واضحة ومعلنة وقابلة للمراقبة والتقويم؛
4. إن نظام الإنتاج الحالي – كسابقه - لن يتمكن من رفع مستوى الجودة بالشكل المطلوب، ما دام يحافظ على الأسباب المؤدية إلى إمكانية سيطرة النزعة الريعية في تنفيذ الإنتاج، الراغبة في الربح أثناء صرف اعتمادات المشروع، على حساب الشروط الأساسية للعمل، وضدا على متطلبات الجودة وحقوق المهنيين، والتي يكون ضحيتها الأخيرة الإعلام العمومي والمواطن الراغب في إعلام يعكس مجتمعه وروحه الخلاقة؛ ويتم تحميل العاملين المباشرين (من مخرجين وكتاب سيناريو وممثلين ومنشطين و إعلاميين وتقنيين...) و المنتج الفعلي الذي هو الإعلام العمومي، في النهاية، وزر كل هذه الاختلالات، دون أن يتحمل المنتج المنفذ أي مجازفة اقتصادية.
5. إن شركات تنفيذ الإنتاج تعتبر عنصرا مهما وأساسيا في منظومة الإنتاج السمعي البصري، ونحيي المقاولات المواطنة داخلها، غير أننا نركز على ضرورة ضبط العلاقة قانونيا بين المقاولات المنتجة (القنوات العمومية ) والمهنيين سواء أكانوا أشخاصا ذاتيين (أجراء أو مقاولين مستقلين)؛ أو معنويين (شركات تنفيذ الإنتاج) في أفق تهيئ شروط اتفاقيات جماعية تكون بمثابة الإطار المرجعي لكل التعاقدات وتهدف إلى حفظ مصالح كل الأطراف.
وختاما، تدعو الهيئات الموقعة جميع الأطراف المتدخلة للتعاون من أجل طرح الإشكال في إطاره الصحيح والمنسجم مع خصوصيات المجال والذي يعتبر صانع المضمون الإعلامي منبعه ومصدر قوته والذي يخضع في الغالب الأعم لشروط تعاقد مجحفة ومخجلة، تقود في النهاية إلى جعل الإبداع المفضي للجودة آخر عنصر يتم التفكير فيه ؛ وتطالب الوزارة الوصية بفتح ملف العاملين والمهنيين الفعليين وإدراجه ضمن أفق البحث عن أنجع السبل لإقرار الحكامة في تدبير إصلاح قطاع الإعلام العمومي، وتعلن حرصها على المساهمة البناءة في هذا الاتجاه، دفاعا عن الصالح العام وصيانة لحقوق كل فئات المهنيين في القطاع، واستعدادها للمشاركة في كل الخطوات الكفيلة بتحقيق ذلك.
لائحة الهيئات الموقعة:
1- إدريس الادريسي عن الجمعية المغربية لمهنيي الإذاعة والتلفزيون
2- خالد إبراهيمي عن الغرفة المغربية لمخرجي التلفزيون
3- مسعود بوحسين عن النقابة المغربية لمحترفي المسرح
4- المعطي قنديل عن الغرفة المغربية لتقنيي ومبدعي الأفلام
5- رشيد الشيخ عن النقابة المغربية لمهنيي السينما بالمغرب
6- أمزيل عبد الإله عن الجمعية المغربية لتنمية التواصل المجتمعي
7- حسن هموش عن الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة
8- محمد الشوبي ممثل وكاتب وناشط جمعوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق