الجمعة، 10 يناير 2014

موظف الاستعلامات العامة "محمد الخلطي" يروي تفاصيل علاقته السابقة برئيس الحكومة "عبد الإله بنكيران"


كانت علاقتي ببن كيران مبنية على الثقة، كان يزورني ويعمل بنصائحي ..

في عام 2005 نشرت أسبوعية "الأيام" حوارا مطولا أجراه الزميل أنس مزور مع الموظف السابق بجهاز الاستعلامات العامة، الجلاد محمد الخلطي الذي سبق أن طلب مسامحة ضحاياه، "الهدهد" أعاد نشر الأجزاء الأساسية المرتبطة بعلاقة عبد الإله بن كيران عضو الشبيبة الإسلامية مع الخلطي، والتي أثارت الكثير من الشكوك في صفوف الإسلاميين حول علاقة بن كيران بالأجهزة، وإذ نعيد نشر مقتطفات من الحوار المطول ، من باب محاولة فهم بعض إسقاطات الماضي على الحاضر السياسي بالمغرب.
متى بدأت مباشرة اعتقال هؤلاء النشطاء الإسلاميين بمدينة الرباط؟
أولى الاعتقالات كانت سنة 1977. أتذكر أنه بعد صلاة الفجر اتصل بي هاتفيا ضابط المداومة السيد بنعلي، وقال لي إن جماعة من الشباب قد صلوا بمجسد حكم بحي المحيط ووزعوا مناشير تحمل اسم الشبيبة الإسلامية، وكانت هذه أول مرة نعثر فيها على توقيع الشبيبة الإسلامية، وحين طلبت منه أسماء هؤلاء الشباب، ذكرها لي، وقال لي إن واحدا منهم اسمه بن الأدهم كانت معه حقيبة ولا علاقة له بهم، فهو كان يستعد للسفر.. فنبهته أن هذا الشاب هو مسؤول الشبيبة الإسلامية بالرباط... وبعد ذلك تولت فرقة الشرطة القضائية التحقيق معهم، وكان آنذاك تنافس كبير بين الأقسام، فاتفق الشباب العشرة الذين اعتقلوا على توجيه التهمة إلى شاب اسمه بخات، والذي لم تكن تربطه أي علاقة بالشبيبة الإسلامية.
هل تمت اعتقالات أخرى في صفوف الشبيبة الإسلامية بالرباط؟
القضية الثانية ارتبطت بعبد الإله بنكيران، الذي كنا نشك في أنه من تحمل المسؤولية بالرباط بعد بن الأدهم، وقد كان على اتصال دائم بمطيع، لدرجة أنه سافر إلى فرنسا من أجل اللقاء به. وقد اعترف لي بهذا فيما بعد، وقال لي إنه كان قد ضرب موعدا مع مطيع للقاء به بأحد الفنادق لكنه لم يأت، وغير مكان اللقاء، وحين سأله لماذا هذه المراوغة؟ أجابه أنه لا ينبغي له أن يضع ثقته حتى في زوجته.. المهم، بعد سنة 1977 لم نستطع أن نجد أي دليل ضد بنكيران، وكان أول عمل مكشوف قام به، هو توزيع مناشير أمام باب فندق هيلتون على هامش انعقاد مؤتمر للمحامين الشباب، وذلك للتنديد بمحاكمة عناصر الشبيبة الإسلامية ونفي مطيع خارج المغرب. لكن قرار متابعته جاء بعد محاكمة اغتيال عمر بن جلون سنة 1980، حين حكم على مطيع بالإعدام غيابيا، فاتصل ببنكيران عبر الهاتف، وطلب منه أن يجمع الاخوة بالمسجد المحمدي بالدار البيضاء وأن يخرج بهم في مظاهرة.. آنذاك اعتقل العشرات من هؤلاء الشباب، لكن رجال الشرطة كانوا يجهلون طبيعة التنظيم الذي ينتمون إليه، فاتصلوا بي عبر الهاتف وأخبروني بما وقع فطلبت منهم أسماء بعض الشباب، فأعطوني اسم الأمين بوخبزة، يتيم، حزيم فقلت لهم هذه الشبيبة الإسلامية.. ويجب أن تعتقلوا مسؤولهم بالرباط عبد الإله بنكيران لكنه هرب. وهنا قمنا بحراسة منزله بحي العكاري، لكننا لم نجده طوال 3 أيام. وصدفة توجهت إلى عين المكان لمراقبة الطريقة التي تتم بها الحراسة، فوجدته مارا بسيارته بصحبة والدته من أمام المنزل، فاعتقلناه وبدأت أمه تصيح، وطمأنتها أنها لن تتعرض لسوء..
وأشرفت على استنطاقه بنفسك؟
نعم استنطقته وحققت معه بنفسي، وكنت طوال 25 سنة أمضيتها في الاستعلامات العامة آنذاك أعرف أن المتهم لابد وأن يتكلم أثناء استنطاقه، وكان المسؤولون قد علمونا أن الإمام مالك قد أجاز ضرب المتهم حتى يعترف بجريمته، وأجاز قتل ثلثي الشعب من أجل إصلاح الثلث... هكذا كنا نعتقد في صحة هذا القول ونعمل بمقتضياته. وحين بدأت التحقيق مع بنكيران اعترف لي بمسؤوليته عن المظاهرة، وقال لي إن مطيع اتصل به وطلب منه تنظيم المظاهرة، لكنه أوضح لي أنه طلب من إخوانه الاجتماع في المسجد المحمدي للأحباس دون أن يكشف لهم عن نيته في الخروج بهم في مظاهرة، وبعد اجتماعهم أخذ مكبر الصوت وأمرهم بالتظاهر... للتنديد بالأحكام الصادرة ضد مطيع.. حذرته أن الشرطة القضائية "غادي تتكرفس عليه"، فأجابني أنه لن يعطي أسماء الذين حضروا المظاهرة، وقال إنه إذا صبره الله فالأمر كذلك وإذا لم يصبره فليس له ما يقوم به.. وهكذا كان، فالشرطة القضائية بكل صراحة "تكرفسات عليه" إلى أن أعطى بعض الأسماء.
وهل لمست أن انفصال بنكيران عن مطيع جاء بعد هذا الاعتقال؟
لا، الانفصال سيأتي فيما بعد حين أصدر مطيع من ليبيا مجلة إسمها "المجاهد"، وحتى يراوغ الأمن كان يقول إنها تصدر من بلجيكا. وفي أواخر سنة 1980 أو بداية 1981 زارني بنكيران بمكتبي، وقال لي إن مطيع أصيب بخلل عقلي، وإنه أصدر مجلة تحتوي على موقف لا وطني من قضية الصحراء، حيث رأى مطيع أن الصحراويين الذين نقاتلهم هم مسلمون وأثر صلاتهم موجودة في الرمال خلافا لما قاله صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني آنذاك من أن غالبية من نقاتل أتوا من كوبا وأنهم "غير مختنين"، أما مطيع فقال هذا خطأ، وأن البوليساريو مسلمون ولا يمكن أن نحارب إخواننا المسلمين. هذا إلى جانب إصداره البيانات ضد عدد من الحركات الإسلامية في العالم العربي، ووعدني بنكيران بأن يرسل لي أعداداً من هذه المجلة، وأخبرني أن الشبيبة الإسلامية في الرباط قررت فصل مطيع الذي اتخذ هذا الموقف اللاوطني بشكل فردي.
وماذا كان رد فعلك حين قال لك بنكيران هذا الكلام؟
قدمت له نصيحة، وقلت له إذا أردت أن تكون واضحا أصدر بيانا من خلال الجرائد تحدد فيه موقفكم، وشجعته على ذلك فاستجاب لنصيحتي، وبالفعل اجتمعوا على صعيد الرباط وأصدروا بيانا ينددون من خلاله بموقف مطيع اللاوطني ويعلنون انسحابهم من الشبيبة الإسلامية، وحتى ينتقم منهم مطيع أصدر عددا من البيانات باسم المعتقلين في السجون يقولون إن بنكيران ومجموعته خونة يتعاملون مع الأمن، وبدأوا يروجون لدعاية مفادها أن بنكيران خائن يتعامل مع الخلطي ومع الدكتور الخطيب، وأصبحوا يقولون إن هذه خطة مدروسة تستهدف الشبيبة الإسلامية، الخلطي يسيرها أمنيا والخطيب يسيرها سياسيا. وكان هذا البيان الذي نشر في بعض الجرائد قد شفع للسيد بنكيران عندما اعتقل في أواخر سنة 1983 من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بعد اتهامه بتحريض تلاميذ ثانوية بمكناس على التظاهر في الشارع العمومي، ورفع شعارات ولافتات تمس بمقدسات البلاد، حيث كان هؤلاء التلاميذ قد اعترفوا أثناء استنطاقهم بدرب مولاي الشريف أنهم ينتمون إلى الشبيبة الإسلامية وزعموا أن المسؤول عن خليتهم ومحرضهم هو بنكيران. وقد نصحت بنكيران قبل أن يتوجه إلى درب مولاي الشريف أن يأخذ معه نسخة من البيان المذكور ونسخة من ملف طلب تأسيس جمعيته، وهكذا أطلق سراحه، وقدمت مجموعة التلاميذ إلى العدالة.
وهل أنت من اقترح عليهم تأسيس الجمعية؟
لا، حين قدم بنكيران ومن معه استقالتهم من الشبيبة الإسلامية، قرروا الخروج من السرية والعمل في المشروعية، فجاء المرة الأولى بنكيران لوحده ثم أتى بصحبة عبد الله بها للتشاور معي إن كان بإمكانهم تأسيس جمعية. فأجبتهم أنه يمكنهم ذلك، وقلت لهم أن يعدوا قانونها الأساسي ويركزوا على 3 محاور : موقفهم من الملكية، وموقفهم من وحدة المذهب المالكي، وموقفهم من الصحراء المغربية، ثم يفصحوا عن لائحة المكتب المؤسس.
كان هذا اجتهادك الشخصي؟ أم أنك نسقت مع المسؤولين لتقترح عليهم هذا الأمر؟
لا، كانت هذه مبادرة شخصية. وقد رأيت وتأكد لي أن بنكيران يرغب في العمل في إطار المشروعية... قال لي إنهم خدعوا، وإن مطيع أوهمهم أن الحسن الثاني هو الظالم و... لكنهم حين اجتمعوا رأوا أن الحسن الثاني كيفما كان فهم يعرفون نسبه بخلاف رؤساء بعض الدول العربية...
وماذا كان جوابهم حين اقترحت عليهم هذا الأمر؟
اجتمعوا على صعيد الرباط واتفقوا على توضيح النقاط الثلاث في القانون الأساسي للجمعية، لكنهم رفضوا تقديم لائحة اعتماد المؤسسين، وقالوا إن الخلطي يريد أن يضعنا في الفخ ويعرف منا الأسماء من أجل اعتقالنا. ولما أخبرني بنكيران بهذا الموقف اقترحت عليه أن يقدم الأسماء المعروفة لدى الأمن الوطني، أولئك الذين سبق اعتقالهم وأطلق سراحهم، وبنكيران مثلا كان قد حكم عليه بالسجن لمدة 3 أشهر موقوفة التنفيذ في قضية مظاهرة الدار البيضاء.. وفي نهاية المطاف أسسوا جمعيتهم في نهاية سنة 1983 وقدموا ملف جمعية "الجماعة الإسلامية" إلى السلطات، لكنهم لم يحصلوا على الوصل. وبعد أن استشارني هل يجتمعون أم لا بعد التأسيس، سألته إن كانوا سيصدرون جريدة، فقال لي إنهم سيصدرون جريدة اسمها "الإصلاح"، فاقترحت عليه أن يجتمعوا تحت غطاء الجريدة وينظموا ندوات باسمها.
بجانب الجماعة الإسلامية كانت هناك أيضا جمعية أسسها عبد السلام ياسين، تختار العمل في ظل المشروعية. ألم يكن ملفها من ضمن الملفات التي تابعتها؟
التعليمات التي كانت بحوزتنا، هي أن كل متطرف يجب أن يكون تحت المراقبة، لاسيما الذي خرج من السجن، ولم تلغ هذه المسألة إلا قبيل وفاة الحسن الثاني- رحمه الله... وكنا آنذاك نلزم جميع الماركسيين اللينينيين أن يشعرونا بسفرهم إذا كانوا ينتقلون من مدينة إلى أخرى. أما بنكيران، فكان لي اليقين أنه يريد العمل في المشروعية، فلم أكن أراقبه كثيرا، وكنت أترك له حريته.
سبق لك أن حققت مع ياسين؟
لم أحقق معه، لكن زرته ببيته بصحبة مسؤول بوازرة الداخلية ووالي الأمن بسلا، فرحب بنا، وقال لي سيد الخلطي أنت كما حكوا لي عنك رجل متفتح ولك إلمام بالشريعة الإسلامية، لهذا فأنا أقبل بالحوار معكم، ويمكنكم أن تطرحوا ما تريدون. فقلنا له نريدك أن تعمل في إطار المشروعية. أجابنا قائلا : كيف يعقل أني مسلم، أريد العمل في إطار المشروعية ويمنعون جمعيتي، في حين أن علي يعته شيوعي يرخص له بالعمل؟. وشرحت له ما شرحته لبنكيران، فعلي يعته رحمه الله، كان ممنوعا من حزبه الأول، ولما أراد تأسيس حزب ثان عقد ندوة صحفية بفندق حسان، أبرز خلالها المحاور الثلاثة (موقفه من الملكية الدستورية، ومن الإسلام، ومن الصحراء)، كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان موقفهم من الملكية غير واضح، لكن في مؤتمر 1975 وأوضحوا موقفهم من الملكية ومن الصحراء. وطلبت من عبد السلام ياسين أن يوضح موقفه، وقلت له أنت ضد وحدة المذهب المالكي وتطالب بالخلافة، ولم يسبق لك أن تكلمت عن الصحراء، فصمت قليلا وطلب أن نعطيه مهلة 3 أشهر ليفكر ويرد علينا، ففهمت أن لديه خلافات..
(أقاطعه) خلافات مع من؟
خلافات في القيادة، وقد تأكد هذا بعد انسحاب البشيري فيما بعد، وعبد السلام ياسين كان يحتاج إلى الوقت من أجل إقناع من يوجد معه في القيادة، وبنكيران كذلك حتى يقنع من معه احتاج إلى 6 أشهر عقدوا خلالها عددا من الاجتماعات. وفي الحقيقة فإن سبب نهج بنكيران لتوجهه وعبد السلام ياسين لتوجه آخر، هو مسألة حظ. فعبد السلام ياسين كان متواجدا بسلا حيث كان مسؤول الاستعلامات العامة متشددا معه. فهو كان يرغب في العمل في إطار المشروعية لكنه لم يجد من يساعده، ولم يكونوا يثقون فيه. أما بالنسبة لعلاقتي ببنكيران فقد انبنت على الثقة، وتبددت الشكوك مع مرور الوقت.
ومعتقلو الشبيبة الإسلامية كانوا يقولون إن بنكيران هو من كان يحدد لكم الأسماء التي يجب اعتقالها وتلك التي يطلق سراحها؟
لا، هذا أمر آخر سنصل إليه عند حديثنا عن جماعة التبين. وأعود لعبد السلام ياسين لأقول لك إن الحصار الذي ضرب عليه كان خطأ ارتكبته الاستعلامات العامة التي تجاوزت حدودها، وأوردت في تقرير لها أنه كان يتصل بالحركة الإسلامية في تونس، وأن عناصرها كانوا يزورونه، وأنه سيتم توحيد الحركة الإسلامية المغاربية، وسيكون هو المسؤول عنها.. وجاء خبر مفاده أنهم سيعقدون مؤتمرا بالخارج لاتخاذ هذا القرار، فتقرر لأول مرة منعه من السفر إلى الخارج، ومنع أعضاء جماعته من زيارته واستدعيناهم على صعيد المغرب ووقعوا محضرا يلتزمون من خلاله بعدم الذهاب إلى بيت ياسين. وفي الحقيقة لم يكن حصارا، وإنما سموه كذلك، فهو كان فقط ممنوعا من السفر إلى الخارج، أما مغادرته لبيته فكان أمرا واقعا، فقد كان يذهب لأخذ أجرته كمتقاعد، وكان يتوجه دائما إلى طبيب الأسنان بشكل منتظم أسبوعيا، لكن الأمن كان يتبعه، وهو كان يأمر السائق بتخفيض السرعة حتى تتمكن سيارة الشرطة من تعقبه.. ليظل محميا. لماذا؟ لأنه إذا فعل أتباعه شيئا لا يتهم بأنه من أعطاهم التعليمات.
وما هي قصتك مع بنكيران ومجموعة التبين؟
جماعة التبين كان قد أسسها عبد الرزاق المروري - رحمه الله - وكان يزورني هنا في بيتي من أجل الحصول على جواز سفره. وكان قد بلغني خبراً مفاده أن هناك مجموعة من الشباب بمسجد العكاري لهم اتصالات بإيران، وفي الحقيقة كانت سفارة إيران آنذاك تتصل ببعض الشباب وتعطيهم منشورات لتوزيعها.. ففي وقت الخميني كانت هناك محاولة لتصدير الثورة. ولما اعتقلنا ثلاثة منهم، اعترف لنا أحدهم أنهم ينتمون إلى التبين، ولما سألته عمن يكون المسؤول عنهم أجاب أنه لا يعرف. ففكرت في عبد الإله بنكيران، وقلت مع نفسي هو من سيكون له دراية بهذا الأمر، وبالفعل اتصلت به، وقلت له إننا توصلنا بخبر لا أدري إن كان وشاية أو كذبا مفاده أن هذه المجموعة لها اتصال بإيران، ونحن لا نريد القيام بضجة، ونذهب إلى المنازل ونعتقل الشباب أمام آبائهم، فمن الأحسن أن تخبر مسؤولي هذه الجماعة وتقول لهم إنه من الأفضل أن يأتوا عندي، وأنا سأحقق معهم، وإذا ثبت أنهم أبرياء فإنني أضمن لك أنهم سيذهبون لحالهم دون أن يتعرضوا للأذى فاتصل بالمجموعة، وجاؤوا جميعهم عندي، وكان عددهم 15 فردا، منهم المروري وطبيبان، ومهندسان... فقلت لوالي الأمن أنه لا ينبغي أن تعتقلهم، فوضعت رهن إشارتهم شقة وكان الصيف آنذاك، فتركت لهم الشرفة مفتوحة، وفتحت المجال لعائلاتهم من أجل الاتصال بهم. وأتذكر أن المروري كان يعد أطروحته وطلب مني الحصول على المراجع، فقلت له هاتف زوجتك وقل لها أن تحضر لك المراجع.. وهم أنفسهم قالوا إننا لم نكن في الاعتقال، وإنما في نزهة أو مخيم.. وهذا سجلته في شريط يمكنك أن تسمعهم يقولونه بصوتهم...
ما هو هذا المشكل؟
اتصل بي المسؤول عن درب مولاي الشريف، وقال لي إنهم عثروا على وثيقة ببني ملال صادرة عن مجلس الشورى لجماعتهم بها سب وقذف لمؤسسات البلاد، لدرجة أنهم كفروا الملك.. فطلبت منه أن يرسل لي نسخة، فناديت على المروري وواجهته بها، واستنكرت أن يخفي عني الحقيقة، ويقول إنه أعطاني جميع الوثائق ولم يخف عني شيئا. فأوضح لي أن تلك الوثيقة كانت موجودة فعلا وتداولوا حولها، لكنهم لم يعتمدوها فتم إحراقها، وربما هناك من احتفظ بها. ورغم كل شيء فقد أخذوا في درب مولاي الشريف بالتقرير الذي أنجزته وأطلق سراح من بالرباط أما الآخرون فقد قدموا إلى المحاكمة. هذا هو الدور الذي لعبه بنكيران.
بالنسبة لبنكيران دفع الثمن من خلال اتهامه بالعمالة والخيانة، لكن كيف دفعت أنت الثمن؟
المسؤولون بإدارة الأمن الوطني كانوا يعتبرون أني أعطف على الجماعة الإسلامية وأغطي عليهم، وكان هذا هو سبب عدم ترقيتي، أما بالنسبة لأعضاء الجماعات الإسلامية فكانوا يعتبرون بنكيران عميلا. أما الحقيقة فهي أنه كانت تجمعني به فقط صداقة تحددها الحاجة إلى المشورة.. إذا كان لديه مشكل يأتي ليستشيرني، وأنا إذا أردت فهم مسألة دينية أو فتوى أستشير معه.
وبالنسبة لعلاقتك بلادجيد؟
كنت أتعاون مع جميع الأجهزة بما في ذلك قسم الشؤون العامة، فمثلا مريزق (المكلف بالشؤون الدينية بقسم الشؤون العامة بولاية الرباط) أنا من عرفته على بنكيران وإخوان آخرين.. وبنكيران كان يقول لي يجب أن تعرف بنا لدى المسؤولين، فعليهم أن يعرفوا من نحن... وكان يأتي لي بجرائده ويطلب مني أن أعطيها للمسؤولين حتى يطلعوا على مواقفهم.. وقد ساهمت في هذا الأمر إلى أن أصبحت مواقفهم معروفة، وها أنت ترى وضعهم الآن. وبعد دخولهم إلى البرلمان زرتهم بمكتب جريدتهم والتقيت ببنكيران والرميد، وحذرتهما من الغرور ومن الدخول في الصراع مع الاتحاد الاشتراكي..
قلت لهم إياكم ثم إياكم من الدخول في صراع مع الاتحاد الاشتراكي، فقد يستفزونكم ويتحينوا لكم الفرصة للإجهاز عليكم.. فأجابني بنكيران قائلا نحن لن نخاف منهم، فمادام الحسن الثاني موجودا فنحن في حمايته، وأخبرني بسر لا أدري من أخبره به.
ماذا قال لك؟
أخبرني أنه يوم تقدمت الكتلة بمذكرتها المشهورة إلى الملك، قال لهم الحسن الثاني إذا لم تراجعوا مذكرتكم هذه، فسأطلق عليكم بنكيران. ورغم هذا حذرته، وقلت له إن الاتحاد الاشتراكي سيتربصون بكم إلى أن يتسببوا لكم في مشكل، وكان ما كان بعد 16 ماي، فقد استغلوها كمناسبة، وها أنت ترى أن الرميد لم يعد رئيسا للفريق النيابي، والريسوني أبعد من رئاسة الحركة.. في البداية كان يسألني بنكيران قبل أن يتخذ أي موقف عن موقف الاتحاد الاشتراكي، لكن فيما بعد أخذهم الغرور، وبدأوا يسلكون سياسة الاستفزاز..
نشر في : 9 يناير 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق