الأربعاء، 2 يوليو 2014

الصحراء ودفاتر التاجر المفلس



      


ــ حسن السوسي
         يثير الاتحاد الأفريقي الشفقة حقاً. لقد تذكر ان مهمة الساعة هي تعيين مبعوث خاص لقضية الصحراء، في الوقت غير المناسب تماماً. لقد هال بعض أعضائه ما حققه المغرب من تقدم في علاقاته مع افريقيا، وتعاونه الوثيق مع عدد منها والذي لا يتوقف عن التزايد، ففكروا في طريقة يلتفون بها على المغرب، ويحاصرون بها هذا التقدم البطيء، لكن الأكيد، فلم يجدوا من وسيلة إلا محاولة استئناف تعكير مياه العلاقات المغربية الافريقية للاصطياد فيها، من جديد. ويبدو أن صيد المرحومة منظمة الوحدة الأفريقية عام 1984 متمثلا في جمهورية الوهم الصحراوي، قد ألهم بعض هؤلاء، فقرروا التحرك على هذا المستوى، علهم يخرجون أنفسهم من دوائر الإفلاس المحقق لسياسات بيع الوهم وشرائه التي وقعوا في شراكها المحكم منذ ان أسلموا إرادتهم السياسية لتجار قصر المرادية، وتحولوا إلى مجرد الدفاتر القديمة لهؤلاء التجار المفلسين الذين قرروا العودة إليها، علها تسعفهم في محاولتهم الخروج من دائرة الإفلاس السياسي خاصة انهم لا يشكون، ولم يشكوا قط،من الضائقة المالية، والدليل على ذلك ها هي خزائن المال العام الجزائري مفتوحة على مصراعيها لتجديد دماء قضية الصحراء الملوثة أملا في إنقاذ دولة الوهم من الموت المحتوم.
        لكن يبدو انه عين العبث السياسي ما أقدموا عليه ، ذلك ان الاتحاد الأفريقي قد ارتكب الخطيئة التي لا تغتفر عندما قبل بإرث المرحومة منظمة الوحدة الافريقية فقبل بين ظهرانيه بجمهورية الوهم الصحراوية الملحقة بقصر المرادية بالجزائر العاصمة. فقد كان ممكنا، نظريا، على الأقل، أن يلعب الاتحاد دورا ما، لو ظل على مسافة ما، من هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، غير أنه اختار الانحياز الكامل الأطروحة الانفصالية الجزائرية، ففقد الدور لفقدانه للمصداقية الضروري توفرها في كل من يتطلع الى لعب دور إيجابي، في أي نزاع سياسي أفريقيا كان أو دوليا.
       وأجزم إن الجزائر، التي حركت ملف الصحراء المغربية بهذه الطريقة، تدرك تماماً لا جدوى مبادرتها، وفشلها في تغيير اتجاه الأشياء ، على صعيد قضية الصحراء، وعلى صعيد العلاقات المغربية الأفريقية التي عرفت دفعة قوية خلال السنتين الأخيرتين، بفضل الاستراتيجية السياسية للملك محمد السادس في إطار تفعيل رؤيته الشاملة للعلاقات الافريقية الافريقية، غير أنها أقدمت على هذه الخطوة محاولة منها خلط الأوراق، واختلاق المرجعيات اللامتناهية في معالجة ملف الصحراء، بغاية إرباك بعض الدول او المنظمات الإقليمية ذات العلاقة مع الاتحاد الأفريقي، بل وإحراجها في سلوكها السياسي تجاه قضية الصحراء المغربية ، علاوة على محاولة دفع المغرب إلى اتخاذ قرار ما ، على أساس رد الفعل غير المدروس . غير أنه فاتها أن المغرب الذي أصبح يحفظ عن ظهر قلب الأساليب الملتوية الجزائرية ومناوراتها ، قد تجاوز هذا المستوى منذ دشن هجومه السياسي المضاد ضد السياسات الكيدية من خلال التفاعل الإيجابي مع مكونات القارة الأفريقية بما يخدم علاقات التعاون البناء الأمر الذي أغاظ القيادة السياسية الجزائرية فحاولت الإيحاء للاتحاد الأفريقي بأن له دورا يقوم به في ملف الصحراء، والحال، انه قد ضيع هذا الدور منذ عام 1984 عندما قبلت منظمة الوحدة الافريقية بعضوية ما يسمى الدولة الصحراوية. ويبدو ان المثل العربي القديم : " الصيف ضيعت اللبن" يصدق على هذه الحالة المثيرة للشفقة واقعا ومجازا. 
ـ الأربعاء 2 يوليو 2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق