الأحد، 16 فبراير 2014

اغتيال القراءة منذ التعليم الابتدائي


كتابة مصطفى لمودن

        بمناسبة المعرض الدولي للكتاب، لو تسمحون أريد الحديث عن حصص "القراءة في التعليم الابتدائي"، على الأقل مستويات 3 ـ 4ـ 5ـ 6. التي درستها كثيرا.
نظرا لكثرة المواد وطول المقرر، لم يعد للقراءة مجال متوفر ضمن الحصص الزمنية. بحيث إن الدروس تقدم تباعا وبسرعة خارقة، نجد أغلبها يمتد على 30 دقيقة للدرس، أحيانا قليلة نجد 45 دقيقة، كما نجد حتى 20 دقيقة.
أعطي مثلا بالمستوى السادس، وهو لا يختلف كثيرا عن بقية المستويات، هناك ثلاث أنواع من القراءة؛ القراءة الوظيفية، فيها نصوص عادية، القراءة المسترسلة، وهي نص طويل نسبيا يقرأ على مراحل، حصة في كل أسبوع، القراءة الأدبية، وغالبا ما تكون قطعة شعر.. لكل قراءة مما ذكرت منهجيتها..
أولا، كل النصوص طويلة، إلا الشعرية التي لا تكون طويلة أحيانا..
علينا تقديم حصتين من القراءة الوظيفية في الأسبوع يفصل بينهما يوم، كل واحدة في 30/45 دقيقة.. وأمام المنهجية المقترحة لن يتعدى عدد التلاميذ الذين سيقرؤون داخل القسم في الحصتين معا ما بين 4 و 8 تلاميذ.
وأمام التغيرات المستمرة مع الإضافات القائمة في المواد الدراسية، أصبحت فقط 3 حصص في الأسبوع للقراءة، وهكذا أصبح غير ممكن تقديم القراءة الأدبية إلا في الأسبوع الثالث (نشتغل على ملفات دراسية حول موضوع موحد في اللغة العربية طيلة 3 أسابيع).. في الأسبوع الثالث نلتقي بالقراءة الأدبية لحصتين، لأن المسترسلة تحتل دائما الحصة الثالثة..
هناك فعلا إمكانيات للقراءة من خلال مواد دراسية أخرى، حيث نقرأ نصوصا ودعامات وإستشهادات في مواد الاجتماعيات الثلاث وفي النشاط العلمي وفي التربية الإسلامية.. لكن ذلك ليس بقراءة حقيقية، تقوم على فهم النص واستيعابه وتذوقه وإبداء الملاحظات حوله كحصة قائمة الذات..
وينضاف إلى قائمة المشاكل غياب مكتبة بجل المدارس، ضعف التشجيع الأسري على القراءة.. ولا تفوتنا المناسبة للحديث عن قيمة النصوص المقترحة التي في الغالب لا تناسب التلاميذ من حيث طولها ومضمونها، والوقوف عند شكل كتاب القراءة وحجمه الكبير حيث يحمل كل دروس اللغة العربية بتعقيداتها مثل التراكيب والصرف والتحويل والإنشاء والإملاء، وتغييب نصوص القراءة بين أوراق كثيرة وبين عدة مناولات تهم الفهم والاستثمار وغير ذلك مما لا فائدة منه..
وهكذا تم "اغتيال" القراءة ومحاصرتها منذ التعليم الابتدائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق