الخميس، 11 ديسمبر 2014

"ما أحلى الرجوع إليه".. كاتبة - وزيرة بحرينية تتحرر من قيود المنصب، لتعود إلى عشها الأول

سميرة رجب، وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بالبحرين سابقا

شهادة صادقة في حق سيدة فاضلة ومحترمة.. صحفية - وزيرة يرجع لها الفضل الكبير في إقرار اعتماد الوكالة رسميا بالمنامة.. نعم الاخلاق ونعم التعامل المهني الراقي.. الأذن الصاغية والمكتب المفتوح دوما ..


ـ المراسل الدائم للوكالة بالمنامة .. أحمد الطاهري /11 دجنبر 2014 /ومع/
         
         أعلنت الصحفية البحرينية سميرة رجب، وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بالبحرين سابقا، عما يشبه ولادة جديدة لها.. تحررا من قيود والتزامات المنصب الرسمي يخلص من إكراهات الواجب، وعودة للقلم تتيح للذات الإفصاح عن هواجسها وأفكارها ومواقفها بحرية وطلاقة، على درب الانطلاقة الأصلية الأولى.
"
ما أحلى الرجوع إليه"، هكذا عنونت الوزيرة، الناطقة الرسمية باسم الحكومة سابقا، أول مقال نشرته بجريدة (أخبار الخليج) البحرينية بعد خروجها من التشكيلة الحكومية الجديدة. ثمة انتشاء بتنسم هواء الكتابة الطلق، مع إقرار بصعوبة العودة إلى الكتابة بعد غياب طويل ومرهق في "عمل كان مستمرا على مدار ساعات اليوم والأسبوع، من دون توقف".
"
شعوري بالحرية لا يوصف، فأنا متحررة من قيود المنصب الذي احترمته وأعطيته كل وقتي وجهدي وما أملك من معرفة وخبرة إلى آخر لحظة قبل صدور مرسوم التشكيل الوزاري الجديد".. شغف الكتابة لا يضاهيه بريق المنصب والوجاهة، وعشق القلم لا توازيه مغريات المقعد الوثير.. هي الحرية منفلتة من عقال واجب التحفظ والالتزام الرسميين.. متعة إطلاق عنان الفكر خارج دائرة الروتين والصرامة الإداريين..
       ولكي لا يذهب القارئ بعيدا في تأويل دوافع الخروج من المؤسسة، جاء توضيح الصحافية المتمرسة قاطعا، فهي تعبر ببساطة عما يخالجها من مشاعر مع كتابة المقال الأول، وفي اليوم الأول بعد مغادرتها المنصب الوزاري، الذي تعتقد أنها لن ترجع إليه مرة أخرى، وبعد رفضها لما عرض عليها من مناصب أخرى كتعويض.
المقام الرسمي لم يكن يسمح بتعرية وإدانة دسائس وحروب صغيرة تكشف عن علل سلوكية تسم العقلية الشرقية حتى داخل المؤسسة نفسها. لكن والمسافة باتت متاحة حيال دائرة الضوء المسلط على المنصب، حل وقت "تصفية الحساب" والمكاشفة بالصراحة والجرأة اللازمتين في هكذا موقف، حتى وإن جاء البوح مؤلما وجارحا.
"
ليس من السهل العودة إلى الكتابة من موقع كان يلزمني احترامه أن أعمل بصمت في مقابل الأصوات العالية التي حاولت النيل مني بجميع الوسائل ومن شتى المواقع، بدءا بمن كانت عيونه على المنصب ويحفر للفوز به، وانتهاء بمن وصل إلى حد المساس بشرفي من بعض الحاقدين والفاشلين الذين لا يملكون شرفا أو أي احترام أو أخلاق".
         بنبرة الوجع والحرقة ذاتها، تعلو فضيلة الجهر بالحقيقة وإن كلف الأمر تسجيل نقاط إيجاب لدى الخصوم السياسيين.. "والحق يقال إن هؤلاء لم يكونوا من طرف المعارضة التي واجهتها دائما بكل شراسة، لا بل كان للأسف الشديد من الضفة الأخرى، من داخل المؤسسة التي أقدرها وأدافع عنها دائما.. ما يحز بالنفس أكثر أنه لم يفزع لي فرد واحد من داخل هذه المؤسسة".
في ما يشبه صرخة انعتاق من قيود الوظيفة الرسمية، جاهرت الوزيرة السابقة بحقها المهني، منذ اليوم، في حرية التعبير، كمواطنة وصحفية، دفاعا عن أرضها ووطنها، راسمة وجهة مسار مجال اشتغالها الحيوي.. "والوعد أن أبدأ من مقالي القادم مسار عمود الرأي المسؤول والمستنير الذي تعودتموه... ليكون منبرا وطنيا عربيا يفتح المزيد من آفاق المعرفة ويفتح العقل والذهن للتساؤل والمزيد من البحث والتقصي".
       من عاين عن قرب المسار الوزاري لمسيرة رجب يقر بأن القيم النبيلة والأخلاق الراقية لمهنة الصحافة ظلت تنير سلوكها وعملها.. البساطة والعفوية تقطعان مع البروتوكول والفوقية.. الجرأة والشجاعة والصلابة في التعبير عن الموقف نقيض التكتم والتواري وامتشاق لغة الخشب.. الإنصات للآخر والحوار الرصين عوض النبرة العالية والجدل العقيم..
في آخر ظهور رسمي لها بمناسبة الانتخابات النيابية والبلدية، وبعد مؤتمر صحفي مع وزير العدل رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ولجت الوزيرة الصحفية مقصف المركز الإعلامي المعد للمناسبة، ولم تغادره إلا بعد أن ردت، دون كلل، عن أسئلة كل الصحفيين الراغبين في استجوابها، الواحد تلو الآخر.
في سجل الوزيرة السابقة، التي عرفت بإطلالاتها على شاشات التلفزيون المحلية والأجنبية، بصمات مهنية وأوراش إصلاحية مشهود لها بها، من أبرزها إقرار تنظيم هيكلي محكم لأقسام هيئة شؤون الإعلام حولها إلى خلية نحل ذات صلاحيات دقيقة وفاعلة.. رسم خطة استراتيجية خماسية (2013-2018) تروم تأهيلا شاملا لقطاع الإعلام والاتصال.. تواصل مستمر مع الأوساط الصحافية المحلية، العربية والدولية، توضيحا لقضايا الوطن ودفاعا عنها..
        حصلت الكاتبة المعروفة بميولاتها القومية العروبية على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة بيروت عام 1976، وعملت في القطاع البنكي منذ 1979، وبدأت بالكتابة في صحيفة (أخبار الخليج) البحرينية منذ عام 2000. تناولت في كتاباتها مواضيع عديدة، منها قضايا الإعلام، وأمن الخليج العربي، والتطرف الديني والإرهاب، والطائفية، والقضايا العربية، حيث لا يقل موقفها مما يجري في العراق من تفتيت وتدمير، قوة عن آرائها الأخرى.
وفي كل ذلك، ظل مشوار الكاتبة العائدة إلى عشها الأول مسنودا بقناعة مهنية راسخة.. الإعلام سلاح هذا العصر من دون منازع، مصدر قوة الدول أو مفصل ضعفها.. الإعلام القادر سلاح وقائي، علاجي، دفاعي، هجومي، دبلوماسي، ثقافي.. الإعلام الواعي هو انعكاس لحضارات الأمم، ومرآة للشعوب.. الإعلام المحترف يصنع وعي الشعوب، ويعيد تصنيعه، وتأطيره ما بين كل الأجيال..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق