الأربعاء، 11 فبراير 2015

الأغنية المغربية : فيروس الكلام الساقط والبورنو ..


روما. محمد الصقلي     

جـدل مـرشح للتفاعـل، آمل أن يتطور إلى مساءلة  في البرلمان لإعطاء إجابات شافية و لتسليط الأضواء الكاشفة على مواطن الاختلال، حول من يقف، ولأية غاية وراء هذه الحملة الشرسة من "قلة لحيا" ضد الفن والإبداع والثقافة وأيضا ضد هويتنا  في جوهرها وتمثلاتها.
         المسـألة حول الساقط في كلام أغنيتنا هي ظاهرة غير جديدة، و ليست وليدة اليوم، لكنها ما فتئت تتناسل عبر الإعلام الإلكتروني و تنتشر بشكل يتعذر تطويقه أو السيطرة عليه. أعتقد أنه لا يزال عالقا بمخيال وذاكرة جيل الستينات وما قبل ومابعدها مما تمخضت عنه الأغنية من صور فاضحة صادمة وتعابير تخدش الحياء العام، لكنها وياللمفاوقة لم تلبث أن اصبحت متداولة على كل لسان، والأمثلة متعددة تفوق الحصر.
        بدءا ب "جابو لهوا في شيشاوه // مرورا ب "جابو لهوا ف الثلاثه د الليل// و "آمول الكوتشي بضاض يرشي// شحال يكدك ما تابعاه// وصولا إلى "انتي باغيه واحد// أخيرا وليس آخرا "اعطيني صاكي// لوعرضنا هذه العناوين على طبيب نفساني أو باحث في علم الاجتماع لقال هذا مجتمع مريض. و بصرف النظر عن الأسباب و المسببات، ما كانت هذه الأغاني لتصل إلى الجمهور العريض بهذا الزخم وهذا الزحف المخيف سيما في زمن الفيديو و اليوتوب لولا أن هناك دينامية إنتاجية جشعة تمتص أرباحا خيالية من السوق العمومي وعرق الناس. ومن المؤسف إن لم يكن مدعاة للقلق أن الظاهرة تطورت بوتيرة متسارعة  خلال العقدين الأخيرين لتتصدر المشهد ولتطغى بالتالي على كافة أنماط الغناء بما فيها الأغنية العصرية التي تراجعت إلى الصفوف الخلفية بشكل ملحوظ.
        وبرأيي أن مسلسل تردي الغناء عموما بالمغرب انطلق بداية من تقليص دور الإذاعة كفاعل رئيسي في عملية الإنتاج والترويج وذلك تمهيدا لإلغاء هذا الدور والقضاء عليه. ليتم بالمقابل إعطاء الضوء الأخضر لتلفزة دوزيم بالسير في الاتجاه المعاكس بما يعني الشروع في مخطط تخريب الذوق العام بالتركيز على الأنماط الشعبوية ولم لا الغناء الهابط ذي المضامين السخيفة عبرالسهريات الصاخبة بالقدر الذي تحولت معه التلفزة إلى كباريهات داخل البيوت.
ومن خلال تراكمات شتى تغير الكثير من المفاهيم باسم إحياء التراث بحيث تحولت مطربة الملهى لليلي "الشيخة في عاميتنا" والتي لا يتعدى جمهورها زبائن الملهى إياه، لتصبح نجمة مجتمع " على عينك أبن عدي" وتكريسا لهذا المخطط دعت الحاجة إلى صناعة نجوم تحت الطلب لخدمة نفس الأغراض.
       وفي إطار هذا التوجه الجديد وتحت ذريعة التجديد وفتح آفاق واعدة أمام جيل الشباب بادرت القناة الثانية إلى تنظيم مهرجانات ستوديو دوزيم لسنوات متتالية بحيث أنجبت هذه البرامج أفواجا من النجوم بلا مجد وبلا رصيد، وبلا آفاق أيضا اللهم الانخراط في سلك الغناء الليلي بالمطاعم والملاهي، أو بتوجه البنات منهم إلى بلدان الخليج. حيث كان هناك من بين المسؤولين في النقابات الموسيقية من ركب الموجة لحسابه الخاص وذلك بمنح كل من هب ودب من بائعات الهوى  صفة فنانة "مغنية أو راقصة"مما يخولها الحصول على تأشيرة الدخول لإحدى دول الخليج. ومن خلال تفكيك هذه الظاهرة نجد أنفسنا أمام غناءهابط بمواصفات العصر الإلكتروني، أرقام قياسية في الترويج والربح التجاري، تسويق هذه العينات في الشرق العربي والخليج بالخصوص على أنها النموذج الفائق والوحيد لأغنيتنا المغربية المغربية.
بموازاة ذلك يلاحظ أن عمليات نسف وتشويه ملامح وخصائص الأغنية المغربية بدأت تأخذ طابع الخلجنة ، من جهة شاعر إماراتي شاب مغمور يكتب لنا أغنية وطنية تحت مسمى ملحمة وبميزانية ضخمة، من جهة أخرى اعتماد الإيقاعات الخليجية على غرار انتي باغيه واحد وهلم تخليج.
وهنا لابد من التأكيد بأن هذه الممارسات في مجملها قد تفاقمت بالقدر الذي طال هويتنا الوطنية بالمسخ والتشويه. وبالقدر الذي تحولت معه المرأة المغربية بفعل تأثير فضائيات البترو دولار وأيضا الحملات الإعلامية المأجورة و الناقمة إلى رديف للمومس و للعاهرة وبائعة الهوى.
و مما يبرزمدى طغيان هذا التيار الجارف من التشويه مع الإصرار على فرضه على الذوق العام أن القناة الثانية حريصة على أن لا تقدم لنا المطربة أسماء لمنور التي ارتقت بفنها وأدائها إلى مستوى محترم إلى جانب كاظم الساهر، إلا في أغنية "دور بيها يا الشيباني". وهو الخط التحريري الذي تتبناه تلفزتنا بكل أسف.
الأغنية  يا سادة ياكرام ليست منتوجا إيروتيكيا في مبناه ومعناه، الأغنية رسالة إذا ما خلت من السمو ومن تمثل القيم الجمالية والإنسانية فهي لن تكون سوى عبث واستهتار على غرار ما تقدمه قنواتنا فإذا المشهد جدبه وطيري يا شعور، و فلتي يا خصور وانتفضي يا صدور. وإذا أطفالنا خارج المدارس يرددون بدورهم دور بيها يا الشيباني. ويعطيك داهيه فيه. ختاما المساءلة واجبة، ولسوف تسألون.  
           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق