في العاشر من غشت يحل اليوم الوطني
للمهاجر الذي دابت الجهات الرسمية علـى احيائــه بواسطـة احتفالات شكليـة ، وخطابـات
رنانة فارغـة من اي مضمـون يلامــــس مشاكل المهاجريـن وحقوقهـم . ان هذه
الاساليـب الاحتفاليـة بهـذه الطريقـة والتـي يتــم الترويـج لها في وسائـل
الاعلام الرسميـة ، تجعـل من هذا اليوم مجرد مناسبة للضحــك علـى الذقـون بدلا من
ان تكـون مناسبة للوقـوف على مشاكـل المهاجريـن ومعاناتهـــم، وكذا التعريف بقضيـة
هجـرة المغاربـة ومـن ثم بلـورة الحلـول المناسبـة لوضـع حـــــد لمعاناتهم او
التخفيف من وطاتها ، خاصة بالنسبة للقاطنين في البلدان الاكثر تاثرا من "
الازمة الاقتصادية والمالية " مثل اسبانيا التي يضيق فيهـا الخنـاق علـى
المهاجريـن المغاربـة يومـا بعـد يـوم ، وذلك دون اي اكتــراث او التفاتـة جديـة
مــن طـرف الدولـة المغربية , مما يجعلها لا ترقى الى مستوى الدول التي تحترم
مواطنيها والتي نراهــــــا تبذل الجهود اللازمة للدفاع عن حقوقهــم ومصالحهــم
اينمــا حلــوا وارتحلــوا ، وهــو مايكرس النظرة التي تختزل المهاجر في كونه مجرد
مصدر للعملة الصعبة.
كل
هذا يجعل المهاجر المغربي باسبانيا يعيش ظلما مزدوجا ، حيث يجد نفسـه بيـن مطرقـة
تجاهـل الدولـة المغربيـة ، وسـندان مواطنـة ناقصــة بالمهجـر , وعنصريــــــة
مؤسساتية يزيد من استفحالها استمرار" الازمــة الاقتصاديـة " التــي
تعمـل الحكومــة على تصريفها على كاهل الطبقات الشعبية التي يعتبر المهاجرون جزءا
منها , بل انهم الاكثر تضررا من غيرهم باعتبارهم الحلقة الاضعف في بنية المجتمع ,
فضـــلا عن ان المغاربة بالخصوص يفتقرون الى ادوات التاثير باعتبارهم فئة محرومة
حتى من حــق التصويــت فــي الانتخابــات البلديــة ، بل ان الدولــة الاسبانيــة
انكـــرت ما لمهاجرينا من فضــــل على اقتصادهــا فـــي زمــــن الازدهــار
ووفــرة الانتــاج ، لتتعامــل معهــم اليــوم كبضاعــة منتهيــة الصلاحيــة
وتمــارس عليهـم مختلف الضغوط لتظطرهم الــى المغادرة الطوعية نحو بلدهم ، وهي
الضغوط التي ازدادت حدتها مــع صعــود حكومــة اليميــن بزعامــة ماريانو راخوي.
ان المهاجر المغربي يجد نفسه مستهدفا فـي وجـوده , وكرامتـه , وحقوقـه بصفـة عامة
, خاصة في ظل الازمة الراهنة التـي تغــذي خطــاب كراهيــة الاجانــب وتنامــي
الاحزاب والتنظيمات العنصرية المتطرفة والفاشية ، حزب " ارضية من اجل
كطالونيـا " نموذجا , اضافة الى ماتنهجه الدولة من اجراءات استئصالية
متناقضـة مــع حقـــوق الانسان , مثل الحرمان من المساعدات الاجتماعــــة ،
والتغطيـة الصحيـة ، ومصــادرة الحق المكتسب في الاقامة القانونية برفض تجديد
بطائق الاقامـــة للعاطلين عن العمل ، واثقال كاهـل المهاجريـن بالغرامـات
التعسفيـة والعنصريـة التي تنهجهـا ادارات مكتـب الشغل والضمان الاجتماعي والتي (
اي الغرامات ) طالت المغاربة دون غيرهم وهو ما اثبتته احدى المحاكم ببرشلونة التي
ادانت التمييز الممارس تجاه المغاربة، والخــــــرق الواضـح لمبدا المساوات امام
القانون , وممارسة التمييز علــــى اســـاس الانتماء الى جنسية معينة , الشيء الذي
يتعارض مع الدستور الاسباني نفسه ومع القيم الكونيـــــة لحقوق الانسان.
و فـي مقابـل كــل هـذا لا نجــد أي تدخــل أو اهتمـام مـن طــرف الدولــة
المغربيــة ومؤسساتها والهيئات المرتبطة او التابعة لها التي يفترض انها تعنى بشؤون
الهجــرة، و هي كثيرة ( كالوزارة المكلفة بالجالية ، المجلـــس الأعـلـى
للمغاربــة المقيميــن فــي الخارج ، مؤسسة الحسن الثاني للمهاجرين المغاربة
المقيمين فـي الخــارج ، مؤسســة محمـد الخامس للتضامـن ، مرصـد الجاليـة
المغربيـة المقيمـة بالخـارج، القنصليـات و السفارات ...) ، مما يجعل المهاجرين
المغاربة يتساءلون عن جـدوى تفريخ هـذا الكــم الهائل من المؤسسات . ولعلمكم فقد
سبق لنا ان وجهنا رسالــــة الى رئيــس الحكومــة المغربية عبر قنصلية المغرب
ببرشلونة بتاريخ 26 ابريل 2013 مرفوقة بمئــــــــــات التوقيعات ، ونسخة من الحكم
القضائي الذي يثبت التمييز في حـق المغاربة ، من خـلال هذه الرسالة طالبنا الحكومة
بالتدخل العاجل لدى الحكومة الاسبانيـــــة لوقــف سياســة التمييز هذه ، واتخاذ
التدابير اللازمة للتخفيــف مــن معانــات المغاربــة علــى مختلــف المستويات ، غير
ان الرسالــة لــم تلق اي جواب ، وهو دليل على غياب قضية الهجرة من اهتمــام
الحكومــة والدولــة عمومــا ، وهذا ما اكدتــه ايضـــا الزيـــارة الاخيــــــرة
للملك "خوان كارلوس" الى المغرب ، حيث غابت قضية الهجرة تماما من جدول
اعمال الزيارة المذكورة ، ليبقى منظور الهجرة محكوما بالنظرة الضيقة القائمة على
الهاجس الامني الذي يلعب فيه المغرب دور الدركي على الحدود والسواحل ، فيما تنظر
الدولـــة الاسبانية الى الهجرة كمجرد يد عاملة يتم استيرادها عند الحاجة اليها ،
ثم التعامـــــــل معها كبضاعة منتهية الصلاحية عند حدوث الازمة الاقتصادية التي
لا ذنـــب فيهـــــــــا للمهاجرين وعموم الطبقات المتضررة منها , بل ان هذه
الازمة هي نتاج المخططـــــات النيوليبرالية التي تنهجها الحكومة والسياسة المالية
للقطاع البنكي , ومايرافق ذلك من سياســــــات تقشفية ادت الى تراجع خطير لوضعية حقوق
الانســان عمومـــا وحقـــوق المهاجريــــــــــن خصوصا الذين يعانون كذلك من
التمييز العنصري.
إننا كجمعية تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجـر المغربـــي ، ننظــــر بعيــــن
القلـــق لوضعيته ، ونستنكر بشدة السياـــسة التـــــي انتجتها، ونهيب
بالمنظمــــات و الهيئــات الحقوقيـــة و السياسيــــة المغربية ، اتخاذ كل
الإجراءات الممكنة بكل الوسائل المتاحة التـــي من شأنهـــا فضـــح ووقف هذه
السياسة العنصرية التي تنهجها حكومة اسبانيــا في حق المغاربة ، و الضغط بكافة
الوسائل على الدولة المغربية للخروج عن صمتهــــا تجـاه هـــذه القضيـــة
لتتحمـــل مسؤوليتها ازاء هذا الوضع الكارثي الـــــــذي يعيشــــه مهاجرونا
باسبانيا .
برشلونة: 28 يوليوز 2013
عن جمعية تجمع المغاربة
برشلونة