الاثنين، 29 فبراير 2016

اتحاد كتاب المغرب يتضامن مع الإعلامي الأستاذ عبد الله البقالي



         عشية المناقشات المتصلة بمشروع مدونة الصحافة والنشر، تأبى بعض الجهات المسؤولة ببلادنا، إلا أن تبخس جملة الانتظارات المرتقبة من قبل الإعلاميين والمبدعين المغاربة، خاصة وأن الإصلاح مقرون بتحقيق هوامش كبرى من حرية القول والرأي والتعبير.

لكن أسرة الثقافة والإعلام، ومعها الرأي العام الوطني، ذهلت بمتابعة الإعلامي المغربي الأستاذ عبد الله البقالي، مدير نشر جريدة العلم، فقط لرصده عيوب الممارسات المشينة وأعطابها، تلك التي شابت طبخ بعض المجالس والهيئات خلال العملية الانتخابية الأخيرة.

      
وإذ يعتبر اتحاد كتاب المغرب، أن الحنين إلى تكميم الأفواه هو ضرب في العمق للتجربة الديمقراطية الفتية ببلادنا، ونكوص إلى الوراء، وتقويض لمنجزات المغرب في مجال حرية القول والتعبير، فإننا، في الاتحاد، نعلن عن تضامننا التام مع الأستاذ عبد الله البقالي، بصفته المهنية ومسؤوليته النقابية، بكل ما تحمله من رمزية، متسائلين عن خلفيات استهداف رئيس منظمة نقابية مغربية رائدة.

      
وإننا في اتحاد كتاب المغرب، إذ نعلن عن مؤازرتنا للأستاذ عبد الله البقالي، نظل متشبثين بالمبادئ والقيم الكبرى، التي نتقاسمها مع زملائنا في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كما ندعم كل الخطوات والإجراءات العملية، التي ستسطرها لجنة الدعم والمساندة في القادم من الأيام، بمثل ما نطالب بتفعيل وأجرأة وحماية المقتضيات الدستورية التي كرست حرية التعبير والصحافة والرأي، واحترام التزامات المغرب تجاه المواثيق الدولية المتعلقة مجال حقوق الانسان بصفة عامة.

المكتب التنفيذي

الخميس، 4 فبراير 2016

عقود من الحصانة – يجب ان تتوقف الآن



يونس مجاهد النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين



            مع نهاية كل سنة، نقوم بوضع تفاصيل ضحايا مهنتنا الذي أخذوا منا لتتشكل لوحة فسيفساء لخسارتنا وما فقدناه خلال العام. ورغم الألم الذي يغمر كل من يشارك في هذه العملية: عائلات الضحايا، زميلاتهم وزملائهم، نقابات الصحفيين، والعاملين في سكرتاريا الاتحاد الدولي للصحفيين، إلا أنها عملية ضرورية لتخليد أسماء كل الصحفيين والعاملين الاعلاميين الذي قتلوا لمجرد قيامهم بعملهم، ولنستخلص الدروس من أجل المستقبل. وبما أن هذه هي السنة الخامسة والعشرين التي تتشابك فيها أيادي جميع نقابات الصحفيين حول العالم لتذكر رفيقاتهم ورفاقهم، واخواتهم واخوتهم الذين سقطوا في جميع انحاء العالم في هذا التقرير الذي يصدره الاتحاد الدولي للصحفيين، فإننا سنلقي أيضا نظرة سريعة على حصة منطقتنا من الألم والفقدان، ولنراجع ما قمنا به وما علينا ان نفعله لندافع عن انفسنا وعن جيل الصحفيين القادم من لقاء مصير مشابه.
         ولا تختلف هذه السنة بالنسبة للعالم العربي كثيرا عن السنوات الخمس الماضية من حيث وحشية هجمات المنظمات الإرهابية والقوى المتطرفة على الصحفيين، هذه الهجمات التي أودت بحياة ما لا يقل عن 25 صحفي وعامل إعلامي. ويجدر الانتباه إلى أن نسبة مهمة ممن قتلوا هذه السنة كان على يد قوى همجية متطرفة، من اعدام الصحفيين العراقيين في الساحات العامة في مدينة الموصل وشوارع المدن السورية، إلى اعدامات الصحفيي الليبيين في ضواحي بنغازي. بينما يواجه الصحفيين اليمنيون القصف، والاختطاف والتعذيب.إن قتل الصحفيين وترويعهم ليس ظاهرة جديدة على منطقتنا، وكان علينا ان نتعلم ونطور من مهاراتنا للتعامل مع الترهيب والقتل الذي تمارسه منذ عقود دول ومنظمات إرهابية.
         وبحسب احصائيات نقابة الصحفيين الفلسطينيين، قتل الجيش الإسرائيلي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ولغاية الآن، قتل الجيش ما يقارب الـ 50 صحفيا في فسلطين من ضمنهم أربعة صحفيين دوليين، ورغم هذا العدد المفزع للضحايا، لم تتوصل أي من التحقيقات التي قالت الحكومة الاسرائيلية انها فتحتها في بعض هذه القضايا للاستنتاج بأن هناك خطأ قد حصل ولم يتحمل أي شخص مسئولية عن هذه الجرائم.
        وفي الجزائر، أدت الاغتيالات والهجمات على الصحفيين أثناء الحرب الأهلية خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي إلى مقتل ما بين 100-120 صحفيا واعلاميا. وجاء قانون "الوئام المدني" الذي تبنته الجزائر سنة 1999 لطي صفحة الحرب الأهلية ليعفي عن كل المتورطين في قتل المدنيين، بمن فيهم الصحفيين، اثناء الحرب، بل أنه جرم حتى كل من يجرؤ على فتح هذه الملفات او المطالبة بتحقيق العدالة. ولغاية هذا اليوم، لا زالت عائلات الصحفيين الذين قتلوا، وزملائهم واحبتهم غير قادرين على فتح هذا الملفات وهم مجبرون على عيش حياتهم دون ان يصلوا على إجابات لاسئلتهم.  
        أما في العراق، وبحسب تقرير نقابة الصحفيين العراقيين، فقد زاد عدد الصحفيين والإعلاميين الذين قتلوا منذ الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 ولغاية الآن عن 435 صحفية وصحفي وعامل اعلامي، بمن فيهم شهاب التميمي، نقيب الصحفيين العراقيين الذي اغتيل سنة 2008 في بغداد. ورغم التعهدات المتكررة، لم تصدر أي من الحكومات العراقية المتعاقبة أي تقرير رسمي يشير إلى وجود جهود حقيقية للتحقيق في هذه القضايا أو ملاحقة القتلة.

        أما في سورية، يتعرض الصحفيون والاعلاميون للقتل والترهيب من مختلف الأطراف والجهات. ورغم أن شدة الحرب وصعوبتها تجعل من الصعب اجراء رصد دقيق ومهني لعدد القتلى من الصحفيين والاعلاميين الذين سقطوا منذ بداية الحرب الحرب الأهلية، إلا أن التقديرات تشير إلى سقوط ما بين 150 إلى 300 صحفي وعامل اعلامي. كما أن هناك عشرات الصحفيين الذين فقدت أخبارهم في سورية منذ بداية الحرب.
 الحصانة للقتلة يولّد مزيدا من القتلة ومزيدا من الضحايا من زملائنا وأحبتنا!
          لذلك، على نقابات الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين أن يركزوا في السنوات القادمة على مقاومة إفلات قتلة الصحفيين من العقاب. وينبغي ان تأخذ هذه المقاومة أشكال مختلفة وأن تتبنى أدوات متنوعة. فمواجهة قتل الصحفيين الفلسطيين من قبل الجيش الإسرائيلى الذي يتحلى بتغطية سياسية داخلية ودعم دولي قد يحتاج إلى استخدام الأدوات التي يتيحها القانون الدولي والقانون الدولي الإنسان، والقوانين الوطنية في عدد كبير من البلدان الديمقراطية لاجراء تحقيق مستقل في عمليات القتل وتقديم المعتدين إلى العدالة.
 بينما يتطلب الوضع الخطير الذي يعيشه الصحفيون العراقيون، وبالنظر إلى حجم الخسائر بالأرواح، إلى البدء بمراجعة فورية للتجربة العراقية الخاصة بموضوع السلامة المهنية للصحفيين، وأن تشرع الحكومة العراقية، وإدارات المؤسسات الاعلامية بالتعاون مع نقابة الصحفيين في عملية مراجعة شاملة لإتخاذ اجراءات عاجلة في مواجهة النزيف المستمر للصحفيين والعاملين الاعلاميين. وتقوم نقابة الصحفيين العراقيين بمسئولياتها من ناحية تقديم دورات تدريبية على السلامة المهنية، وقد آن الأوان للتتحمل الحكومة العراقية وادارات المؤسسات الاعلامية ليتحملوا مسئولياتهم وأن يتعاونوا مع النقابة من اجل تطوير استراتيجية شاملة لمواجهة هذه الأزمة.
  أما في اليمن، فقد اعلنت نقابة الصحفيين موقفها برفض اي اتفاق سياسي لإنهاء الحرب الأهلية يحصل بموجبه قتلة الصحفيين. حيث تريد النقابة ان تتحاشى تجربة الجزائر بهذا الخصوص، وقد اعلن الاتحاد الدولي مساندته لموقفها هذا.
          ومن جهة أخرى، سيواصل الاتحاد الدولي للصحفيين  مواصلة جهوده في تطوير برنامج نشر ثقافة السلامة المهنية في قطاع الإعلام في المنطقة العربية بما في ذلك تقديم مزيد من دورات السلامة المهنية للصحفيين بالتعاون مع نقابات الصحفيين في بلدان المنطقة. وفي إطار هذا البرنامج، اختتم الاتحاد في شهر تشرين أول/اكتوبر 2015 ورشة تدريب مدربي سلامة مهنية  في القاهرة بالتعاون مع نقابة الصحفيين المصريين، هي الثانية منذ سنة 2012. وهذا يقوي شبكتنا من مدربي السلامة المهنية الموجودين الآن في معظم بلدان المنطقة. ومن خلال هذا البرنامج، وفر الاتحاد الدولي للصحفيين بالتعاون مع نقابات الصحفيين، الفرصة لما يزيد على 1500 صحفية وصحفية للحصول على تدريب سلامة مهنية منذ سنة 2012 وتقارب نسبة الصحفيات اللواتي حصلن على هذا التدريب من الـ40% من مجمل عدد المتدربين. وإضافة لهذا البرنامج وبهدف تعزيز ثقافة السلامة المهنية لدى أجيال الصحفيين الجديدة، يقوم الاتحاد الدولي للصحفيين وبالتعاون مع منظمة "اليونيسكو" بتطوير منهاج أكاديمي للسلامة المهنية لطلبة كليات الصحافة والاعلام في المنطقة العربية وهو الأول من نوعه في العالم، وسيتم تنظيم فعالية اقليمية لاطلاق هذا المنهاج المكتمل في مطلع سنة 2016 في بيروت
وفي النهاية، سيواصل الاتحاد الدولي للصحفيين تعاونه مع نقاباته وشركائه لمواجهة ازمة افلات قتلة الصحفيين من العقاب وتعزيز السلامة المهنية للصحفيين في المنطقة وحول العالم .